نشأ تنظيم القاعدة فى البداية فى أفغانستان حينما لم تكن هناك دولة بالمعنى الحقيقى.. وكانت كل ميليشيا مسلحة تتحكم فى منطقة وتحارب الميليشيات الأخرى.. وليس هناك جيش وطنى للدولة ولا حاكم ولا مؤسسات تسيطر على منظومة الحكم فيها وتخدم شعبها دون تفرقة.. ثم انتقلت القاعدة بعد ذلك إلى عولمة التنظيم الذى أنشأ فروعاً له فى كل مكان بداية من الجزيرة العربية وانتهاءً بفروعه فى الصومال ومالى ونيجيريا والمغرب العربى وإندونيسيا وغيرها. وكذلك نشأ تنظيم داعش فى العراق حينما لم تكن هناك دولة بالمعنى الحقيقى.. ولم يكن هناك جيش وطنى ولكن جيش طائفى.. ولم يكن هناك حاكم وطنى ولكن حاكم طائفى.. وكانت هناك ميليشيات شيعية تقتل بالاسم وتذبح بالمذهب وتفجر وتغتصب فى مقابل ذبح وتفجير القاعدة التى ورثتها داعش فى التكفير والتفجير، وبعد تكوين داعش محلياً فى العراق.. بدأت مرحلة الامتداد الإقليمى ثم مرحلة عولمة التنظيم مع محاولة إقامة دولة مستقلة فى العراق وسوريا وليبيا وغيرها.
ونشأت كذلك معظم التنظيمات التكفيرية والشيعية المتطرفة أيضاً فى سوريا.. حيث لا دولة بالمعنى المعروف للدولة ولا جيش يمثل الأمة السورية ولكن يمثل طائفة منها وينحاز للحاكم، نشأت الميلشيات وتقاتلت وفجرت ودربت آخرين على التكفير والتفجير فى غياب الدولة ومؤسساتها. وما حدث فى سوريا والعراق وأفغانستان تكرر فى ليبيا التى جاءها الدواعش من كل مكان ليجعلوا منها موطء قدم ينطلقون منه إلى بلاد أخرى مثل مصر وتونس والجزائر أو فرنسا أو يصطادون رعايا هذه البلاد فى ليبيا.
واليوم تسلك اليمن نفس المسلك الذى سلكته أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا والصومال.. فلا حكومة فى اليمن ولا دولة ولا جيش ولا مؤسسات ولا مرتبات ولا صحة ولا تعليم ولا جامعات ولا شىء على الإطلاق.. فـ«اليمن اليوم ليس بلا دولة فحسب ولكن بلا حياة». واليمن كانت دولة ضعيفة وشبه فاشلة رغم وجود الحكومة والاستقرار والجيش والشرطة.. فما بالنا إذا غاب ذلك كله وتحول اليمنيون جميعاً إلى ميليشيات طائفية أو قبلية أو تكفيرية يختلفون فى كل شىء سوى أمر واحد هو شرب القات.. وكل منهم يدين بالولاء لبلاد أخرى فى الإقليم ولا يدين بالولاء الحقيقى لليمن وأهله.. وكل هذه الميليشيات تملك من الأسلحة الكثير والكثير.. وأرض اليمن كلها مفتوحة على مصراعيها لصراع ضخم وبناء
ميليشيات وجماعات مسلحة وإرهابية وتكفيرية وشيعية وطائفية وعشائرية لا نهاية لها.. فانتظروا عدداً لا محدوداً من التنظيمات المسلحة والإرهابية التى ستولد حديثاً فى اليمن.. وستنتشر وتنشر الرعب فى كل مكان . ولذلك فإن التأخر فى حل مشاكل اليمن وإقامة حالة حقيقية من الوفاق الوطنى بين أهله بما يحقق التعايش السلمى والمشاركة المجتمعية بالعدل بينهم ينقذ اليمن والعرب والخليج من محن لا يعلمها إلا الله. اليمن هو الخطر المقبل والمستقبلى على الجميع.. والذين يفرحون اليوم للصراعات اليمنية الشمالية الجنوبية.. أو السنية الشيعية.. أو الطائفية العشائرية.. أو الحوثية التكفيرية.. أو الحوثية السعودية سيندمون غداً ندماً كبيراً إذ أن خطر تكوين ونشر وعولمة هذه الميليشيات سيطالهم.. وسيطال الجميع إلا من رحم الله. فيا قوم أنقذوا أنفسكم بإنقاذ اليمن قبل فوات الأوان.