فى البداية، إذا لم تتيقن حكومة المهندس إبراهيم محلب (البلدوزر)، وفى القلب منها وزارة الداخلية وجميع الأجهزة الأمنية، أنها حكومة حرب، (فكأنك يا أبوزيد ماغزيت)!
والحقيقة أن الحكومة الحالية لم تُشعرنا مطلقا إنها حكومة حرب، ولا حتى حكومة تسيير أعمال، وإنما حكومة، مقاولين أنفار، تعمل باليومية، وتوفر مأكلها يوما بيوم، وهنا المصيبة الحقيقية.
الدليل، حجم الارتباك، والفشل الإدارى المخيف لعدد كبير من الوزارات، وغياب الكفاءة، والقدرة على الابتكار فى مواجهة وحل المشاكل، وعدم وجود رؤية أو دراسة، أو ورقة عمل، تضع روشتة عاجلة للقضاء على الإهمال والفساد المعشش فى الإدارات والهيئات، كالأورام السرطانية، وتفعيل الرقابة، وإعلاء شأن فضيلة الثواب والعقاب، وتفعيل القانون بكل قوة وحسم.
ولنأخذ مثالين صارخين، الأول، ما يسمى (الدراسة الأمنية)، والذى يعد الباب الخلفى للفساد وغياب العدالة، وسياسة الكيل بمكيالين، بين الناس، والثانى حركة تنقلات وتغييرات الشرطة.
(الدراسة الأمنية)، مصطلح مطاط، ظاهره الرحمة، وباطنه العذاب، وما هو إلا (الثلاجة)، التى يتم فيها تجميد القرارات، مثل قرارات الإزالة، وتنفيذ القانون فى التعديات على الأراضى، والأبنية المخالفة، وخاضعة لسلطة تقييم مدير الأمن ورجاله، وترك التنفيذ فى يد أمين شرطة، وهنا مكمن الكارثة.
سلطة التقدير، عندما يصدر قرار بإزالة عقار مخالف، ويرى مدير الأمن أن هذا القرار لا يمكن تنفيذه لأسباب أمنية، أو مجاملة لصاحب واسطة، إلى آخر هذه الأمور- والمعنى فى بطن الشاعر- فيصدر قرار إحالة الأمر إلى الدراسة الأمنية، وتستغرق هذه الدراسة ما لا يقل عن 5 سنوات، يكون المخالف، قد قنن وضعه القانونى، وباع كل الوحدات فى عقاره، وتزداد القضية تعقيدا وتشعبا، وتوسعا بدخول أطراف أخرى، (وسلم لى على الدراسة الأمنية).
لا يمكن والبلاد فى حالة حرب، يتم تجميد القانون، وإعلاء شأن السلطة التقديرية غير الملزمة فى يد مسؤولين، يستخدمونها حسب أهوائهم الشخصية، وليس وفقا لقانون ملزم وحاسم وقاطع، وخالٍ من كل الثغرات.
الأمر الثانى، حركة تنقلات وتغييرات الشرطة التى صدرت منذ أيام قليلة، والتى تعد الأكبر فى تاريخ وزارة الداخلية، بما تضمنته من أرقام، لها ألف معنى ومغزى.
أبرز هذه الأرقام، استبعاد 718 لواءً، وعميدا من مناصبهم، وإحالتهم للمعاش، والدفع بخريجى دفعات 1980، و1981، للمناصب القيادية، الأمر الذى يؤكد أن هناك محاولات حثيثة من وزير الداخلية الحالى، للتطهير، وإعادة الهيكلة، والدفع بدماء جديدة، شابة، وحيوية، قادرة على مجابهة، المخاطر الأمنية، والتطور المذهل فى عالم الجريمة.
أيضا من بين التغييرات المهمة والتى كنا قد طالبنا بها، هنا وفى أكثر من مقال، تغيير مديرى أمن 4 محافظات، يمثلون مخاطر أمنية حقيقية، المثلث الخطر، والذى قاعدته جغرافيا بنى سويف والمنيا، ورأسه الفيوم، بجانب محافظة قنا التى شهدت انفلاتا أمنيا فى عهد اللواء عادل عبدالعظيم، مدير الأمن السابق، ومساعد وزير الداخلية الحالى، بما لم يسبق له مثيل عبر تاريخ المحافظة.
أيضا من بين الأرقام التى تضمنتها حركة التنقلات، تغيير 21 مساعد وزير و24 مدير أمن، وهى أرقام لها دلالة قوية، ومؤشر واضح وجلى للتغير الحقيقى، فى الأداء الأمنى الذى شهد ارتباكا شديدا خلال الفترات الماضية.
دندراوى الهوارى
كارثة كبرى اسمها (الدراسة الأمنية).. وسر استبعاد 718 لواء وعميد شرطة
الأحد، 26 يوليو 2015 12:01 م