المشهد الحزين الذى عاشته مصر آخر أيام العيد، من الصعب أن تمحوه الذاكرة، بعد أن تشبكت عناصر الإهمال بعضها البعض والنتيجة كانت كارثة مركب الوراق.. وكوارث الإهمال لا تسلم منها دولة فى العالم.. لكن الفرق بيننا وبينهم، أنهم لا يكررون أخطاءهم.. وعندنا يحدث العكس نصحو على كارثة وننفعل بالحدث ونعاقب المخطئ بالطرد أو النقل، ثم لا شىء بعد ذلك، لم نتعلم من خطر الإهمال ولهذا نكرره، لم نتعلم من العقاب لهذا نكرر المهازل، والتواكل هو البطل الأعظم فى كل خطواتنا، وعليه ننسى تقاليد وتنظيم أى عمل نسعى إليه، الحادثة الأخيرة التى تجاوز ضحاياها 31 ضحية تشير إلى أكثر من أزمة.. فالمركب فى الأساس غير مرخص، وعدد الركاب يكاد يقترب من ضعف المسموح به، ثم كان غياب التنظيم، والأخطر من هذا أن المركب غير صالحة للإبحار.. كل هذا والضحايا لا يعرفون سوى أنهم سيركبون المراكب النيلية للنزهة.. فإذ بهم يعودون إما إلى المقابر أو المستشفيات، الأمر بهذا الشكل أصبح مهزلة، لأن أرواح المصريين ليست بالمجان.. وإذا كنا نخسر أرواح شهدائنا الأبرار فى الحرب ضد الإرهاب المفروض علينا وهى حرب مقدسة.. فهل وصل الإهمال لكى يكون منافساً قوياً للإرهاب اللعين؟ مرحلة من الفوضى عشناها ولا نعرف كيف نخرج منها.. كانت كارثة عبارة سالم إكسبريس منذ سنوات بعيدة، كفيلة بأن نتعلم كيف تدار السفن الكبيرة والعبارات ذات الثقل والتى تحمل أرواح مصريين بالآلاف.. إلى جانب المراكب النيلية المتوسطة والصغيرة.. أنا أسأل: كيف تحركنا منذ ذلك الحادث حتى الآن؟ مرت سنوات ولم نتعلم شيئاً هل هذا معقول؟! هل وصل التهريج إلى هذا الحد؟ كيف أمكن للضمير المصرى أن يغلق هذه الملفات منذ سنوات ويتناساها؟ أم أن الذاكرة المصرية لم تكتب أصلاً هذه الملفات؟ نحن فى مأزق حضارى.. ولست أدافع عن الحكومة. حين أقول إن العبء ثقيل على الوزارة، وعلى وعى المواطنين أن يكون مساعداً لها.. لابد أن يكون المواطن المصرى نفسه رقيباً على أعماله، ثم على أعمال من يتولون إعداد أى عمل يخدم الجماهير.. فمن حق الراكب أن يسأل ويتأكد من قائد المركب؟ وهل المركب مرخص؟ وأين الرخصة؟! وكم عدد الركاب المفترض ألا يزيد عن كثافتها؟! يحدث هذا طبعاً فى دول متقدمة أو نصف متقدمة.. لابد للمواطن المصرى أن يكون إيجابياً متأكداً من كل خطوة يخطوها.. قبل أن يعتمد على الحكومة من الألف إلى الياء.. ومن هذا المنطلق فإنى أتمنى أن يكون رد فعل رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، فعالاً ونافذا لكى تتغير منظومة المراكب النيلية السابحة فى الفوضى والإهمال، حين أصدر محلب قراره السريع بإقالة رئيس النقل النهرى والمسطحات المائية هو يضع ثقته فى رئيس جديد عليه أن يعيد ترتيب هذا الملف الخطير.. أتمنى أن يتم تشكيل فريق عمل يضم فنيين ومحامين ومراقبين من الدولة لمراجعة التراخيص المعطاة لهذه المراكب. وإعادة فحصها تماماً ثم التأكد من عمليات الصيانة، والمؤسف أن كثيرا من المصريين لا يعرفون هذه الكلمة وقد تكون مصدر سخرية.. لابد أن تكون هناك رقابة قوية من الدولة مستمرة وواعية لما يحدث فى هذا الشأن.. لابد أن يكون هناك تحد من المواطنين ومن المسؤولين فى قطاع النقل النهرى والمسحطات المائية، ومن الحكومة ككل، لأن تكون هذه الكارثة هى الأخيرة ليس من المقبول أيضاً أن يظل المصرى حقل تجارب.. وحتى لا نظل أيضاً ضحية المغامرات والتهريج الذى لا يليق بالمرحلة الجادة الفعالة التى تعيشها مصر حالياً.. وكل هذه تعرقل من عزم وقوة وجدية المسؤولين.. أتمنى أن يتعلم المصريون من هذه الكارثة، وكيف نتعهد أن تكون الأخيرة، لأن الإلحاح على المخالفة يولد المزيد من مظاهر الإهمال. وبعد هذا نرمى عواقب الأزمات على الغيبيات.. متى تخرج مصر من هذه المتاهات؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الغيبوبه هى سبب كل البلاوى ..اندهش ,,المسطحات المائيه براوه قائد المركب هو المجرم
بدون