نصر القفاص

تخاريف!!

الثلاثاء، 28 يوليو 2015 06:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان بسيطا.. متسامحا.. قويا.. جبارا.. يبتسم عند الحاجة للابتسام، علامات الغضب على وجهه تخيف من حوله.. عاش غنيا ومات فقيرا.. أحب صوت «شادية» لدرجة الجنون.. كانت أمى تصاب بحالة خوف وهلع، إذا ارتفع صوت الراديو حاملا صوتها وهو نائم.. فهذا صوت كفيل بأن يجعله يفقد استمتاعه بالنوم، لترتسم الابتسامة على وجهه أثناء نومه!!

اشتاق إلى صوت «شادية» قدر اشتياق كل المصريين إليها، حين نادت علينا: «ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد.. ياللى من العريش الحرة.. أو من بورسعيد» قدر اشتياقى إلى لحظات سعادة والدى- رحمه الله- عندما كان «يتسلطن» على صوتها ثم يحدثنا عن قيمة المعنى وحلاوة الصوت مع عبقرية اللحن.

أتذكره - رحمه الله - الذى غادر الدنيا قبل أن تعبر مصر الهزيمة.. ومع كل أغنية جديدة للمصرية حتى النخاع- شادية- أتذكره.. وكم كنت سعيدا عندما فوجئت بها تغنى «أحمد» وهى واحدة من أغانيها المجهولة.. فهذا اسم ابنى.. لكنها تغنى لتذكرنى الآن باسم ابنى وزوج ابنتى.. وكم أشتاق إليها تغنى أو حتى تتكلم لتهنئ شعبا ارتبط بها، يوم افتتاح قناة السويس الجديدة.. فهى التى نادت على الوطن: «يا حبيبتى يا مصر» وهى التى تهزنا حين تردد «يا حبيبتى يا مصر» وهى التى عزفت على أوتار الشجن فأطربتنا «يا أم الصابرين» وكم كانت عبقرية حين داعبت وطنا لتقول له: «لكن يا مصر إنتى.. جميلة زى ما انتى.. أصيلة زى ما انتى» والمعانى مع الصوت واللحن تفسر سر تفرد هذا الوطن بغناء «شادية» له.. والمدهش أن أصحاب القلوب الحجر لا يدركون المعنى ولا المغزى، ويسألونك عن دول متقدمة لم تغن شعوبها لها!! أسألكم عن أمة تجاوزت الهزيمة لانتصار ساحق.. وأمة حفرت قناة السويس مرتين.. وأمة حكمها أجنبى وورثها لأبنائه، فأعطوا لها ما تحفظه ذاكرة التاريخ.. وأمة حين ثار شبابها، استأذن الحاكم مغادرا فى سلام.. هى ذاتها الأمة التى تآمر عليها حفنة من أبنائها، واستثمرها من لا يعرفون قيمتها.. وقاتل لأجلها من يعرفون قيمتها، وحاول أرخص من عاشوا على أرضها ابتزازها فى لحظات التحدى.. لذلك أسأل «شادية» أن تحجب عنهم صوتها حين صدحت «أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد»! تلك تخاريف فى ذكرى رحيل «أبويا» الله يرحمه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة