محمد فودة

محمد فودة يكتب.. وزير السياحة.. قليل الكلام.. قليل العمل

الأربعاء، 29 يوليو 2015 11:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما يحرص المسؤول على الابتعاد عن الأضواء، فإنه ربما يكون ممن يعملون فى صمت ويتركون إنجازاتهم تتحدث عنهم، ولكن أن يكون هذا الشخص لا يتكلم وفى نفس الوقت لا يفعل أى شىء يذكر، فإنه بذلك يضع أمامنا علامة استفهام كبيرة، ويدفعنا إلى التساؤل وبصوت عال: لماذا هذا الإصرار على بقائه فى منصبه مادام لا يعمل بالشكل الذى ينبغى أن يكون.

إننى أتحدث عن المهندس خالد رامى، وزير السياحة، الذى منذ توليه المسؤولية فى حكومة المهندس إبراهيم محلب الثانية لم ينجح فى إجبارنا على أن نشعر بأى تحسن ملموس فى هذا القطاع الحيوى والمهم، وكأن منصب وزير السياحة ما يزال شاغرا أو أن رئيس مجلس الوزراء لايزال يبحث عن شخص كفء يملأ هذا الفراغ الذى يلمسه الجميع، ولم يعد خافيا على أحد، بل هو حديث الصباح والمساء بين المواطنين العاديين والمهتمين بالشأن العام أيضًا.

فهل مكتوب على هذا البلد أن يظل هكذا حقلاً للتجارب وساحة خالية يجلس فيها وزراء قد احترفوا الهروب من مواجهة المشكلات منتظرين أن يتدخل معالى رئيس الوزراء ليحل مشاكل المواطنين فى جميع القطاعات، فنجد هؤلاء السادة الوزراء الذين لا حول لهم ولا قوة قد تحولوا وبقدرة قادر إلى مصدر قلق للحكومة، بل إنهم أصبحوا يمثلون عبئا ثقيلا ليس على رئيس الحكومة وحسب، بل ربما على رئيس الدولة شخصيا، ففى الوقت الذى نرى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى يسابق الزمن ويجرى بسرعة الصاروخ وهو يسعى نحو إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة نجد بعض الوزراء وفى مقدمتهم وزير السياحة وهم يسيرون ببطء شديد أشبه بحركة السلحفاة التى لم ولن نجنى من ورائها سوى المزيد من التدهور والتقهقر إلى الخلف.

والمحزن فى هذا الأمر أن المهنس خالد رامى بهذا الأداء الضعيف فإنه أصبح فى نظر الجميع، كأنه غير مدرك لأهمية صناعة السياحة التى تعد بالفعل بمثابة قاطرة التنمية الاقتصادية الحقيقية، حيث إنه خلال الـ15 عاماً الماضية قد حدث تطور هائل فى القطاع السياحى، وذلك بإضافة عدد هائل فى الاستثمارات تتجاوز تكاليفها مئات المليارات من الجنيهات تمثلت فى بناء الفنادق والقرى السياحية، وهذه الاستثمارات الطائلة تبناها المصريون ويعمل بها الملايين من الشباب كانت إلى وقت قريب تدفق خيرًا لمصر، بل إنها نجحت بالفعل فى خلق مجتمعات عمرانية حقيقية تحولت إلى مدن وقرى سياحية يزورها ملايين السائحين وينفقون بداخلها المليارات من العملة الصعبة.

فهل وزارة السياحة تدرك ضرورة الحفاظ على ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الماضية فى هذا الشأن.. أعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل ستكون بالسلب، لسبب بسيط هو أن الوزارة لم تعر هذا المجال أى اهتمام يذكر فتحولت المسألة إلى مجرد تصرفات وتحركات روتيية خلت تماماً من أى خلق أو ابتكار أفكار جديدة للنهوض بهذه الصناعة التى نرى كل بلاد العالم تعى جيدا قيمتها وتحرص على الارتقاء بها، بينما نحن نقف مكتوفى الأيدى ولم نولها أى اهتمام يذكر، وفى نفس الوقت نتعشم فى أن يتحقق تدفق السياحة الوافدة من كل بلدان العالم، ولكن كيف ننتظر وفودا سياحية ونحن نفتقد لأبسط أساسيات هذه الصناعة وهى الممارسة التى تضمن استمرار تدفق السياحة الوافدة والحفاظ على السائح الذى يأتى آلينا للاستمتاع بمقاصدنا السياحية.

وهنا أضرب عدة أمثلة على عدم وجود رؤية وزارية لإدارة هذه الصناعة، فمن أهم الأسباب الرئيسية التى أدت إلى تدهور صناعة السياحة فى مصر، هو انشغال شركات السياحة المصرية بالسياحة الدينية وحصصها من تأشيرات الحج والعمرة، مما تسبب فى ترك السياحة الداخلية والخارجية فى أيدى شركات أجنبية تتحكم بها فكانت المحصلة النهائية تدهور حال السياحة فى مصر وتشريد العديد من العمالة المصرية مع هروب العمالة المدربة للعمل بالخارج.

فأين وزير السياحة من هذا الشىء المحزن والمخزى الذى انعكس بشكل لافت للنظر فى أن تصبح صورة شركات السياحة هكذا ضعيفة ولا يربطها رباط مقدس وهو سمعة المهنة فكان يجب على وزير السياحة أن يقوم بالاجتماع والتواصل مع شيوخ السياحة لبحث آليات الحلول، مما يخدم هذا القطاع العريق.

وحينما يتدهور حال السياحة على هذا النحو، فإنه ليس غريبًا أن يتقلص دور شركات السياحة ويتم اختزاله فى عمليات شراء من البازارات والمحلات التى تخص تلك الشركات، خاصة أنه لم يعد خافياً على أحد أن عددا من هؤلاء السياح هم فى الأساس يتم استخدامهم كأدوات لغسيل الأموال فى مصر بحيث يتم ذلك من خلال شراء منتجات سيئة ورخيصة بسعر مرتفع للغاية فى سبيل إصدار فواتير بيع بقيمة البيع، فتحولت السياحة الثقافية والبيئية إلى سياحة بازارات يملكها أصحاب الشركات الأجنبية.

وهو ما يستلزم ضرورة قيام وزير السياحة بمهام عمله، وأن يتخلى بعض الشىء عن هذا «الصمت الرهيب» وذلك باتخاذ عدد من الإجراءات لإعادة الوضع السياحى فى مصر إلى مساره الصحيح، وبالطبع فإن ذلك يستلزم أن تشارك وزارة السياحة من خلال هيئاتها المختصة فى كل المعارض والمؤتمرات السياحية الدولية مثل بورصة ميلانو وبرلين وموسكو، وأن تقوم أيضا بتوجيه الدعوة لمديرى الشركات السياحية ومنظمى الرحلات ووكالات السفر الأجنبية ورجال الإعلام والصحافة فى كل الدول لزيارة مصر، لتتأكد من أنها قد عادت كما كانت آمنة ومستقرة، إلى جانب ذلك تأكيد أهمية عدم ترك الساحة خالية أمام الدول الأخرى الساعية لتحويل السياحة إليها بدلاً من مصر، وهى دول تمتلك مقومات سياحية أقل بكثير مما نمتلكه نحن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة