هى المرة الأولى التى يفكر فيها تنظيم بيت المقدس الإرهابى فى مواجهة حقيقية مع الجيش فى سيناء.. كان التنظيم دائمًا يستعمل ما تعارفت عليه أدبيات حروب العصابات بـ«هجمات الجرذان»، حيث تخرج الجماعات الإرهابية بأعداد صغيرة من جحورها لتهاجم بسرعة وتهرب لتدخل الجحور، ولهذا بدا أن الإرهابيين نجحوا فى هجمات قبل ذلك فى كرم القواديس، أو غيرها من الهجمات، أو اغتيال شهدائنا فى رمضان ساعة الإفطار، أو ساعات الانشغال بتغيير الخدمات.
لكن ما الذى أغرى الإرهابيين هذه المرة ليدخلوا فى مواجهة واسعة مع الجيش، مع علمهم بأن المواجهة كلما طالت فإن السيطرة للجيش، بل إن الغرور صور لهم إمكانية أن يحاصروا قسم الشيخ زويد ويستولوا عليه.
هناك بالتأكيد ما أغرى التنظيم بالخروج من الجحور لمهاجمة الأكمنة فى وقت واحد، وهى بالتأكيد معلومات مضللة قد يكون الجيش سربها للإرهابيين ليخرجوا بهذا العدد الضخم، ويهاجموا فى منطقة واسعة ومكشوفة، خاصة أن دلائل كثيرة كانت تشير إلى أن هناك إعدادًا لهجمات خلال هذا الأسبوع لذكرى 30 يونيو، وما يربط التنظيمات الإرهابية بجماعة الإخوان.
المفارقة أن الإرهابيين رافقتهم خطة إعلامية ساعدت فى التمويه ضدهم، وهى أن أخبارًا كاذبة انتشرت منسوبة لوكالات ومصادر أجنبية، ساهمت فى نشرها مواقع تابعة للجماعة أو نشطاء معروفون بعدائهم للجيش والدولة، المهم أن ما نشرته هذه المواقع، وما نسب من «بوستات» لمراسلين سيناويين كانوا ينشرون «بوستات» وأخبارًا مزدوجة تشير إلى سيطرة الإرهابيين على الشيخ زويد، وتضخم فى أرقام الشهداء بشكل كبير، وهناك مواقع نشرت صورًا من سوريا والعراق وفيديوهات قديمة وممنتجة للتنظيم الإرهابى.. كل هذه الأخبار ساهمت فى أن يدخل الإرهابيون الفخ، ليصبحوا صيدًا لجيش مصر، وقد راهن الإرهابيون على أن احتماءهم بالمدنيين سيغل يد الجيش الذى يحسب حساب حماية المدنيين حتى لو ترك الإرهابيين، وقد حرصت القوات على تلافى المدنيين قدر الإمكان، بينما قتل الإرهابيون مواطنين سيناويين رفضوا السماح للإرهابيين بالصعود لمنازلهم.
لقد كان أداء الجيش خلال المعركة هو التزام الصمت، بالرغم من سلوك المزايدات الرخيصة، والأخبار الكاذبة التى روجتها لجان الإرهابيين والإخوان وبعض النشطاء ومواقع ليست إخبارية، لكنها تحولت إلى نشر الأخبار والفيديوهات القديمة والمضروبة.. وكالعادة تحولت مواقع التواصل إلى منصات لخبراء الاستراتيجية والتكتيك والحروب، لكن اللافت أن الجيش لم يهتم بما ينشر من أكاذيب، وظهرت بيانات مقتضبة عن مسار العمليات.
النتيجة أن الجرذان تخلوا عن خطة «هجوم الجرذان» بسبب الغرور أو التمويه، والنتيجة أنهم فى أول مواجهة خسروا كل هذا العدد فى موقعة نظن أنها ستكون حاسمة فى مستقبل الجرذان بسيناء.