«نزل علم قناة السويس عن أبنية شركة قناة السويس، وخفق محله العلم المصرى يضىء الطريق للجميع فى قناة السويس».. هكذا يكتب المهندس عبدالحميد أبوبكر فى مذكراته، وهو أحد قيادات الفريق الذى نفذ قرار جمال عبدالناصر بتأميم القناة، وكان المهندس محمود يونس هو قائد هذا الفريق.
رفرف العلم المصرى كرمز لسيطرة مصر على القناة بعد أن ظلت تحت سيطرة القوى الاستعمارية، ممثلة فى إنجلترا وفرنسا، منذ افتتاحها فى 17 نوفمبر 1869.
وحتى نعرف قيمة قرار التأميم يكفى أن نعرف أن شركة القناة احتفظت لنفسها فى مصر بكل حقوق الاستقلال، بما فيها علم خاص بها، وشفرة خاصة بمراسلاتها، وجهاز مخابرات يعمل بخدمتها فى جمع المعلومات، بل يقوم عند اللزوم ببعض العمليات القذرة لحماية مصالح الشركة كما يفعل جهاز مخابرات أى دولة.
يقول أبوبكر: فى الساعة الثانية بعد منتصف الليل كان كل شىء قد هدأ، وكان الجو شديد الحرارة، ولا توجد أى مرطبات، وبدأنا نشعر بالجوع، ولم نجد أى شىء نأكله أو نشربه سوى ماء ساخن، وبقينا محمود يونس وأنا وعادل عزت فى حجرة مينيسييه، وكنا فى غاية الإرهاق، فافترش محمود يونس الأرض فى حجرة مينيسييه بملابسه الداخلية، وفعلنا، عادل وأنا، مثله فى الغرفة المجاورة لتأخذ أجسامنا قليلًا من الراحة.
وسط هذا الإحساس بالإرهاق والحيرة والقلق، دق على باب الحجرة بطرقات خفيفة، وكان الطارق صحفى سويدى اسمه «أندرسون»، وكان موجودًا بالصدفة فى الإسماعيلية، وطلب مقابلة المسؤول الأول عن تأميم القناة، فأدخله أبوبكر فورًا إلى محمود يونس، فتعجب عندما رأى أن المسؤول الأول عن تأميم القناة رجل بسيط يفترش الأرض.
يؤكد أبوبكر أن اختيار جمال عبدالناصر لمحمود يونس كان اختيارًا للرجل المناسب للمهمة المناسبة، وهو من مواليد 13 إبريل 1912 أى كان عمره وقت التأميم 44 عامًا، وكان زميلًا لفتحى رضوان، وأحمد حسين، ومحمود مختار التتش، وكان من زعماء طلاب الجامعة فى المظاهرات التى اندلعت احتجاجًا على معاهدة 1936، وبعد تخرجه فى كلية الهندسة التحق بكلية أركان الحرب، ثم أصبح مدرسًا فيها، وكان جمال عبدالناصر طالبًا فيها، ثم أصبح مدرسًا معه، وارتبطا بصداقة قوية.. كان يونس قوى الشخصية، وصلبًا، ومدرسة كبيرة فى القيادة والإدارة.. يتبع.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة