ذهبت إلى شارع الهرم أبحث عن «بهية».. لا تندهش إذا قلت لك إن هذا اسم مستشفى لاكتشاف وعلاج سرطان الثدى للسيدات.. اعتقدت أننى سأرى محاولة يمكن البناء عليها، لتكون مستشفى فى المستقبل.. أخذنى الذهول الذى شاركتنى فيه زوجتى وزميلتى «إيمان إمبابى»، ليس لأننا فوجئنا بكيان يدعو للفخر.. ولا لكونى انتقلت إلى القرن الواحد والعشرين بمعنى الكلمة.. لم يذهلنى هذا النظام وتلك الدقة والنظافة، ولا أحدث ما توصل إليه العلم من أجهزة لعلاج هذا المرض الخطير والرهيب.
أذهلنى أن مستشفى بكل هذه الفخامة، وعلى تلك الدرجة من التقدم يعالج المواطنات المصريات- أغنياء وفقراء- مجانا.. نعم دون دفع أى رسوم.. والمستشفى يقدم خدمة اكتشاف المرض مجانا.. ويعالج مهما كانت تكاليف العلاج مجانا.. أى أن رواده يتمتعون بأعلى وأغلى درجات الرعاية والعلاج مجانًا.. فهل ذلك هو سبب تلك السكينة وحالة الهدوء على المرضى؟! ودون مبالغة غلبتنى دموعى حين صافحت بعضهن يضحكن ويسخرن من المرض، بعد جلسة علاج كيماوى!!
مستشفى «بهية» يخلد اسم من قدمته للفقراء والأغنياء، لمجرد أن المرض أصابها.. هى السيدة «بهية وهبى» حرم المهندس «حسين عثمان» وكانا، رحمهما الله، وراء هذا الصرح الذى يدعو للفخر.. أما الملايين التى يتم إنفاقها لعلاج المرضى، فيقدمها أصحاب القلوب الرحيمة وأهل الخير فى هذا الوطن العظيم.. وتأكدت أن مصر تمتلك النواة الصلبة لمجتمع مدنى قادر على صناعة المستحيل.. وهناك تمنيت أن تتسابق لجان المرأة فى الأحزاب لدعم «بهية» ليتمكن من أن يتحول من مستشفى لا يقل فى مستواه وما يقدمه من خدمات، إلى سلسلة مستشفيات تحمل نفس الاسم.. فهى رحلت وبقى عملها لله وللوطن، يجد من يرعاه ويواصل المسيرة.
خرجت من المستشفى سعيدًا.. فخورًا.. محترمًا ومقدرًا «بهية»، رحمها الله، وأسرتها.. والمستشفى الذى يفرض علينا دعمه.. بدأ العمل فيه منذ بضعة شهور، واستقبل آلاف المرضى وعالجهم.. بينما تتعثر المحليات بالدولة فى تنفيذ رصف بضع «بلاطات» بشوارع وسط القاهرة منذ أكثر من شهرين، فهذه هى مصر التى استطاعت أن تحفر قناة سويس جديدة فى أقل من عام.. وهى مصر التى لا أفهم سر تمسكها باللواء عادل لبيب!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة