لا يجب أن ينسينا الحزن على شهداء الإرهاب فى سيناء أو فى أى بقعة أخرى من مصر طريقنا ومسارنا إلى المستقبل، نعم، لا يجب أن يملأ الحزن النبيل عيوننا بالدموع، لدرجة ألا نرى الطريق الذى نسير فيه، فهذا ما لا يرضاه شهداؤنا ولا تتطلبه المسؤولية التاريخية التى يتحملها كل مصرى، مع اختلاف الحمل باختلاف المنصب ومستوى القيادة.
الحزن على شهدائنا يجب أن يتحول إلى طاقة غضب نبيل تحسم المعركة مع الإرهابيين فى الجبهات وعلى الثغور، وتدفع إلى الإتقان والإبداع فى كل عمل نؤديه بدءا من جمع القمامة حتى تصبح بلدنا أنظف وأجمل، وحتى البحث العلمى فى أدق التخصصات، وكيف يمكن أن يتحول إلى وسيلة لترقية حياة البشر.
أعلم وتعلمون أن شراذم الإرهابيين والجماعات المتطرفة والمأجورة ستنتهى وتزول، وأن البلد سيسترد عافيته، لكن الطريق إلى العافية والتقدم محفوف بالمخاطر ومحتشد بالعلامات، وأول هذه المخاطر أن ننحرف عن الطريق الرئيسى الذى رسمناه لأنفسنا بالأحلام فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، إلى طرق وتفريعات جانبية تؤدى إلى انقسام المجتمع أو إلى سيادة قضايا هامشية يحاول أبواق الإخوان وأزلام الأجهزة المعادية إثارتها من وقت إلى آخر حتى ننسى- لا قدر الله- أن طريقنا الأساسى هو تجاوز أربعين عاما من التصحر والتجريف والإفقار على جميع المستويات، أدت إلى كل ما نعانيه من أمراض الفقر ومنها التطرف بالقطع.
معركتنا الأساسية ليست مثلا مع تجاوزات الشرطة، رغم أن من واجبنا التنبيه والنقد لإصلاح وتقويم أى تجاوز فورا ومحاسبة المخطئين، وليست فى رفض كل جهد تبذله الحكومة من باب المعارضة ولو على سبيل الاحتياط، فهذا النهج لا يعتمده إلا الفاشلون أو محبو الظهور من الفصائل السياسية، ولكن المعركة الأساسية فى نظرى هى العمل والإتقان والإبداع فى ظل كل الظروف الصعبة وفى جميع المجالات حتى ننهض معا، ونحكى لأبنائنا وأحفادنا ذات يوم عن الشهداء والتضحيات والكفاح تحت ظروف قاسية.
هل يمكن أن يكون لدينا الجرأة والصدق لأن نحكى لأبنائنا عن أيامنا هذه إذا لم نبذل أقصى جهد ممكن؟ هل يكون عندنا الشجاعة لأن نتذكر سيرة الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن نعيش فى مأمن، إذا لم نعمل بإخلاص لنساهم فى تقدم بلدنا؟
على كل منا أن يجيب لنفسه عن هذه الأسئلة قبل أن يعلن الحزن والحداد على الشهداء الأبرار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة