المواجهة العسكرية فى سيناء دائما لصالح قواتنا المسلحة، ولا يبقى إلا الحل الجذرى، تنمية سيناء، وحسنا فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوجيه الحكومة إلى ذلك، لأن ما يوجع هو اتجاه بعض الأوساط الإعلامية إلى تشويه المواطنين المصريين رغم أن الأجيال الجديدة لا تعلم أن أهالى سيناء قدموا 25%من تكلفة فاتورة حروب مصر مع إسرائيل من 1955 وحتى تحرير سيناء، الخطر الأكبر أن البيئة السيناوية اصبحت شبه محايدة فى ذلك الصراع، لأنه منذ تأسيس محمد على لمحافظة العريش 1831 وحتى الآن يفتقد أهالى سيناء لحق المساواة والمواطنة الكاملة، سواء فى الحقوق أو الثروات، حتى إن 85% من الوظائف فى سيناء لغير أهلها وهم ممنوعون من تملك الأراضى، هناك ضرورة لدراسة النخبة الجديدة فى سيناء، يبلغ عدد المصريين من القبائل العربية كما يقدرهم الشيخ سليمان أبوحسين، شيخ مشايخ السماعنة بشمال سيناء، بـ17 مليونا، تتركز فى سيناء وقنا والبحر الأحمر ومطروح والساحل الشمالى، ومن يعد بالذاكرة إلى إبريل 2011 وقطع خط السكك الحديدية، اعتراضا على تعيين المحافظ القبطى، من قبل بعض القبائل القنائية، وسط هتافاتهم «إسلامية إسلامية» ورفع أعلام السعودية، وبايعوا أميرا منهم على إمارة قنا الإسلامية، واستخفت النخبة المركزية بالأمر، حتى تزامن ذلك مع جمعة قندهار 29 يوليو 2011 بميدان التحرير، ثم الهجوم على قسم ثان العريش مساء تلك الجمعة، نفس الشعارات والأعلام السوداء وأعلام السعودية، ولم يتوقف أحد بالتحليل والربط بين هذه الظواهر، وجدل العلاقة بين السلفيين والبدو، وكيف أدرك تنظيم القاعدة والتكفيريون هذا الربط وقاموا باستغلال هذه البيئة، ودفعهم إلى ممارسة الاحتجاج المسلح ضد الدولة، لشعورهم بالاغتراب تجاه الوطن المصرى، إلى حد رفع أعلام القاعدة أو السعودية، والحنين للماضى والرغبة فى إمارة إسلامية، وهكذا تجتذب التنظيمات الجهادية السلفية أبناء فقراء القبائل الضعيفة الذين يشعرون بالغبن والتهميش، والبحث عن المكانة عن طريق الانتماء إلى جماعات دينية سياسية، تعوضهم مكانتهم المفقودة فى السلم الطبقى القبلى، أو عدم وجود مكانة لهم فى الوظائف الحكومية ترفع من شأنهم. هكذا نشأت العلاقة بين تلك التنظيمات والشباب البدوى المهمش، ومن ثم يمثل العلم الأسود مدلولا ثقافيا أكثر منه سياسيا، فهو علم الهوية السلفية البدائية وحلم الماضى السحيق فى مواجهة علم الوطن الذى لا يظلهم، إنها عودة للبداوة الأولى فى مواجهة العولمة والحداثة التى لا يستطيعون اللحاق بها، ويلاحظ أن التصحر الثقافى والفكرى يتمركز فى قلب النفوذ السلفى فى سيناء والساحل الشمالى، أو قلب السكة بالإسكندرية، وكرداسة وناهيا ودلجا ودهشور، حيث يتركز فقراء البدو، هذا هو جوهر القضية.. وسبق أن نشرتها بـ«اليوم السابع» فى أغسطس 2011، اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.