كمال حبيب

مصر التى فى خاطرى

الإثنين، 06 يوليو 2015 10:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ستبقى مصر التى فى خاطرى موحدة بوحدة أبنائها مسلمين وأقباط، ذلك أن الدين اختيار لا يفرق والوطن يسع كل أبنائه، هويتنا فيها معنى المصرية التى تتسع للمسلمين الأغلبية العددية والمسيحيين الأقل عددا، لكن مصر لا تعرف الأقلية بالمعنى الغربى والتى تشير إلى صفة تبدو فيها الأقلية وكأنها تعانى من اضطهاد أو تمييز أو معاناة بسبب سطوة الأغلبية، فنحن جميعا مصريون مسلمون ومسيحيون، لا توجد سمات ثقافية أو عرقية أو فيزيقية تميز بين المصريين، بل الجميع لهم نفس الشكل والملمح ونفس الثقافة العربية الإسلامية ونفس اللون والعرق. مصر التى فى خاطرى وفى دمى هى وطن لكل أبنائها، بلا تمييز أو تفرقة أو ظلم أو تمييز أو عنصرية فنحن لم نعرف انتماءات تستدعى النظر إليها بنظرية دونية، فالنوبة مصريون وأهلنا فى الصعيد بكافة قبائلهم مصريون، والمسلمون مصريون، والمسيحيون مصريون، كلنا مصريون هذا انتماؤنا الذى يصهر كل خلافاتنا ليجعل منا شعبا قويا لا يمكن النفاذ إلى نسيجه الاجتماعى للتلاعب به أو توظيفه للاستقطاب والاحتراب الأهلى.

مصر بلد الأزهر الشريف، وبلد العلماء الفطاحل والمؤرخين الكبار كالمقريزى والسيوطى والجبرتى، وبلد المقرئين العظام كالشيخ رفعت ومصطفى إسماعيل والحصرى والبنا وعبد العظيم زاهر، مصر التى تكسرت على أبوابها كل جحافل الغدر والمكر والشر، هى التى هزمت التتار فى عين جالوت، وهى التى هزمت الصليبيين فى المنصورة، وهى التى انتصرت فى العاشر من رمضان على اليهود الصهاينة، وهى التى استعادت سيناء كاملة وهى قلعة العروبة والإسلام. مصر التى هضمت حضارات الأمم التى تعاقبت عليها دون أن تفقد شخصيتها، ولأن هويتها ومزاجها وروحها عربية وإسلامية فقد استجابت للفتح العربى الإسلامى لها، وهو الذى حررها من طغيان الرومان، وحرر كنيستها من سطوة الكنائس الغربية لتبقى رائدة الكنائس المشرقية، ولم يفرض الفاتحون العرب المسلمون على الناس عقيدتهم أو الدخول فى دينهم كما يفعل المتطرفون المتشددون اليوم – ولكنهم أقروا ما كان قائما من نظم فى الضرائب ونظام الأراضى والجوالى وأقروا العدل فى البلاد، وقصة القبطى الغلام الذى تسابق مع ابن عمرو بن العاص فسبقه القبطى فضربه ابن عمرو بن العاص وقال أنا ابن الأكرمين، فسافر أبو الغلام القبطى وابنه إلى المدينة ليشكو الوالى وابنه إلى أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، فأمر أن يأتى عمرو وابنه إلى المدينة، فلما حضروا جميعا عنده أعطى عمر السوط لابن القبطى وأمره أن يضرب ابن عمرو بن العاص، وقال كلمته المشهورة «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».

مصر بوجهها العربى الإسلامى ستظل درعا واقيا لأمتها العربية ولقضايا تلك الأمة، فمهما كان لنا بعد متوسطى يصلنا بالحضارة الغربية كما ذكر طه حسين فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر»، بيد إننا بوجودنا الجغرافى فى المنطقة العربية وانتمائنا الحضارى للحضارة العربية وللدين الإسلامى يجعل أمننا القومى كمصر مرتبطا بالعالم العربى، فعالمنا العربى أمنه القومى لايمكن فصله أو تجزئته، وما يجرى فى العراق وسوريا واليمن وليبيا يؤثر بشكل مباشر على مصر، وهى الكنانة التى تجتمع فيها الأسهم وبها يتحقق الأمن ولذا فقيامها وبقاؤها وقوتها هى ذخر لكل العرب وقوة لهم وحماية لأمنهم خاصة ما يتعلق بالشام وفلسطين والقدس الشريف. مصر بحدودها الجغرافية المعروفة هى جزء من دار الإسلام، ولا نفرط فى شبر منها، والحمقى الذين يتصورون إمكان اقتطاع جزء منها لإقامة ولاية إسلامية بزعمهم، فماذا تكون مصر إن لم تكن إقليم الإسلام المركزى وقلب العروبة النابض، وستظل وحدة واحدة لا يمس منها ولا ذرة رمل واحدة. مصر بجيشها الموحد الذى ينفى عنها خبث المعتدين والمجرمين العابثين، جيشها الذى عماده كل المصريين، مصر التى فى خاطرى قد يعتريها بعض الهبات والهزات والعواصف لكنها تبقى أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة