قبل أكثر من عشرين عامًا دارت معركة انتخابات نقابة الصحفيين تحت شعار «مهنة فى خطر»، وفاز من فاز بهذا الشعار، وترك المهنة تنزف! تعاقب أكثر من جيل يتراشق بالشعارات، واستمر النزيف حتى أوشكنا على إطلاق الرصاصة الأخيرة ضد سفينة تقلنا جميعًا- نحن معشر الصحفيين- والمؤسف أن المنوط بهم إنقاذها يهرولون لإغراقها!
وقبل أكثر من اثنى عشر عامًا عشت تجربة فى الجزائر، شهدت خلالها أربعين صحيفة يومية تناهش الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة، وكانت الأكثر رواجًا وانتشارًا، بينما أربع صحف ضعيفة فقط تؤيده، ورغم ذلك نجح «بوتفليقة»، ثم كرر النجاح ضد صحافة اعتقدت أنها قادرة على خداع الرأى العام والتلاعب بالشعب.. والمدهش أن كل هذه الصحف تسابقت على تأييد «بوتفليقة» بعد ذلك لإنقاذ نفسها من الهلاك، وباقى التفاصيل فيها دروس كثيرة يمكن أن يستفيد منها من يريد أن يتعلم.
جاءت اللحظة القاسية لنتابع دعوات شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعى لمقاطعة الصحافة- ورقية وإلكترونية- والسبب هو اعتقاد القائمين على تلك الصحف بأنهم أقوى من المجتمع، كما فعل نجوم الإعلام المرئى الذين خسروا رصيدهم فى بنوك التقدير الجماهيرية!
علينا- معشر الصحفيين- إدراك أن مهنتنا فى خطر داهم، وعلى الكبار الذين يمارسونها- إن وجدوا- التكاتف فى صمت، والتفكير بصدق، والتعامل بأمانة مع تاريخ ناصع تركه لنا أساتذة كنا نفتقدهم، وإنقاذ أنفسنا أمام أجيال لن ترحمنا لأننا نتلاعب بها! فأزمة الصحافة ليست فى حاجتها للحرية، بقدر ما هى أزمة الحاجة إلى المهنية التى تصنع المصداقية.. وباعتبار أن الموضوع أكبر وأخطر من معالجته فى مقال، أتمنى أن نذهب إلى محاولة أخيرة لإنقاذ الصحافة والإعلام من غضب الشعب المتصاعد، فنحن نستطيع الانتصار على أى جماعة ضغط، كما نستطيع أن نقهر أى نظام نتصدى له بموضوعية لصالح المجتمع، لكننا لا يمكن أن ننتصر إطلاقًا إذا حاولنا تحدى شعب ورأى عام، يملك كل الحق فى أن يرفضنا، بل يكرهنا، ويتعامل معنا بقسوة.. فقد سبق لنا أن عرفنا أن مهنتنا فى خطر منذ ربع قرن، لكننا للأسف تعاملنا مع المسألة على أنها شعار.. ويا ويلى لو استمررنا نتجرع السم نفسه!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed allam
صحفي راشد
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
تحيه وتقدير للكاتب القدير
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
تحيا مصر
بأمثالك