أستطيع القول إن الأمة العربية، قبل مصر خسرت محترما ومقاتلا ومثقفا يصعب تكراره كنموذج للمسؤول الذى يعطى فى صبر وصمت تميز بهما شخص كريم.. فالدكتور «عبدالقادر حاتم» سليل المؤسسة العسكرية المصرية، لكنه تجاوز فى عطائه الفكرى والثقافى، ما أعطاه مئات المثقفين والمفكرين لأمته.. فقد ترك أكثر من عشرين كتابا ينهل منهم العلماء، وتضىء طريقهم البحثى والدراسى.
نحن، معشر الصحفيين، ندين له بأنه المؤسس الأول لوكالة أنباء الشرق الأوسط، ويدين له الإعلام المرئى والمسموع بأنه بنى نهضة وصرحا عملاقا اسمه «ماسبيرو».. وعلى التوازى كان صاحب رؤية فى مطلع الستينيات، حين أدرك بنظرته الثاقبة أن مصر ستحتاج السياحة كأهم مصادر دخلها.. لذلك توسع فى بناء الفنادق، حين أسندت إليه مسؤولية السياحة، كمصلحة، قبل أن تتحول إلى وزارة، وهاجمه كثيرون حين اعتبروه مبددا لموازنة الدولة فى إنفاقه على إنشاء الفنادق، وكان يستقبل منتقديه شارحا المستقبل الذى درسه ويراه، ويودعهم راجيا تذكر قيمة وأهمية أن ما يذهب إليه مخططا لمستقبل قريب.
تحمل المسؤولية كما يقدر عليها العلماء من الرجال، فهو نائب رئيس الوزارة لحكومة حرب أكتوبر التى ترأسها «أنور السادات».. فكان هو رئيس الوزراء الفعلى الذى انتصرنا فى ظل حكومة أمسك دفتها فى عرض محيط عاصف.. وأعاد المصداقية للإعلام المصرى، الذى كان قد خسر الجلد والسقط، بوقوع نكسة 67 ومعروف من الذى هندسها وحاول تخفيف مرارتها وقسوتها!!
حين أسندت له مسؤولية المجالس القومية المتخصصة، تعامل مع المسألة بجدية واحترافية لم يفهمها النظام الذى أسقطه الشعب فى 25 يناير 2011.. وكان الدكتور «عبدالقادر حاتم» يتدثر بالعلم والعمل والصمت.. ولم يغب لأنه راهن على اليابان كنموذج للمستقبل، فبنى جسورا من الصداقة القائمة على التقدير، لكننا لم نفهم ما ذهب إليه، ولم نحاول أن نستفيد من علمه وعلاقاته وفكره، لأن الوطن كان يمجد نخبة من الطفيليين وعددا من السماسرة، الذين جنوا الأرباح دون عطاء حقيقى.
رحل المفكر والمثقف والضابط «عبدالقادر حاتم»، وترك تراثه ليؤكد أن المؤسسة العسكرية المصرية كنز لا يفنى!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة