قبل أن تقرأ علينا أن نعترف بأن الفساد الكلى لم ينتشر أو يتفشى إلا فى عهد الرئيس المخلوع مبارك وحزبه وشلته وحاشيته، وأن الدولة المباركية لم تكن جادة فى أن تحارب الفساد بالمعنى الحقيقى، ولهذا تم خلع مبارك ونظامه بعد مظاهرات الغضب فى 2011، وهذا الحدث تم استغلاله من جانب الإخوان الذين ركبوا الموجة، واستغلوا الهوجة الشعبية، واحتلوا قصر عابدين، وظلوا فيه لمدة عام.. اعتقدنا أن جماعة «قال الله وقال الرسول» قادرة على محاربة الفساد، واقتلاع جذوره، ولكن اكتشفنا أن مصر وقعت ضحية بين فساد حاشية مبارك الذين سرقوا البلاد والعباد، وجماعة الإخوان الذين حاولوا سرقة الوطن كله، وظل أصحاب النوايا الحسنة يعتقدون أن جماعة «أصحاب السبح والمصحف والسيف» قادرة على اقتلاع الفساد، ليس من دهاليز الوزراء ومكاتب الكبار، بل من قلوب ونفوس المسؤولين، ونشر دولة العدل حتى يتم تجفيف منابع الفساد من نوايا كل مصرى.
ولكن كل شىء فى مصر كما هو، ولم يتحقق أى شىء مما كان ينادى به من خرج فى 25 يناير 2011، أو من خرج فى 30 يونيو 2013.. الفساد موجود.. الرشاوى موجودة.. النهب وسرقة المال العام يسير على قدم وساق، كل الجرائم ترتكب بصورة أبشع مما كان يحدث قبل الإطاحة بمبارك، أو عزل مرسى، والسبب ليس فقط غياب القانون أو من ينفذه من الأجهزة الأمنية، بل لاختفاء وانعدام الضمير من داخلنا، حتى أنه لم يعد أحد يخشى من العقاب الربانى، متناسيًا أن حساب الله قادم، ووقتها لن يستطيع كل من ارتكب جريمة أن يهرب من حساب الله، أو يقوم بعمل مليونية ليخفى فيها جرائمه، كما كان يفعل فى الدنيا، لأن الله يمهل ولا يهمل، أما حكومات ما بعد يناير فإنها تهمل وتترك الفاسد أو البلطجى أو المخربين والمشاغبين فى الأرض بسبب نفاق هذه الحكومات لهؤلاء، ووصفهم بالثوار، وهو ما جعل هذه الحكومات ترضخ لكل البلطجية الذين احتلوا الميادين والشوارع تحت زعم التظاهر، أو أنهم باعة جائلون، والنتيجة أن هؤلاء أصبحوا فوق القانون وهم يمارسون بلطجة.. هم حتى الآن دون رادع، ومن يرد التأكد مما أقوله عليه الذهاب إلى منطقة وسط البلد، وفى شوارع طلعت حرب، وأمام مجمع التحرير لكى يتأكد أن مصر دخلت مرحلة الضياع الذى لا يحتاج إلى الطبطبة لكى نعيدها إلينا مرة أخرى، بل يحتاج إلى الحسم والشدة، وتطبيق القانون بلا خوف أو أيدٍ مرتعشة، كما هو الحال مع كل الحكومات الضعيفة، بداية من حكومة الدكتور عصام شرف، أسوأ رئيس وزراء مصرى، مرورًا بحكومة الدكتور حازم الببلاوى.. الجميع فشل فى إعادة الوجه الجميل لمصر، حتى حكومه المهندس إبراهيم محلب التى تحكم مصر بالنوايا الحسنة، دون وضع حدود حقيقية لاستئصال الفساد من جذوره، كما تفعل مع الإرهاب الذى سخرت كل إمكانيات الدولة لمحاربته، وهو شىء محمود ولكن سيكون الأكثر منطقيًا أيضًا أن يتم تسخير كل إمكانيات الدولة لمحاربة الفساد الذى يعد من أهم أعداء الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحلم بدولة العدل، ونظافة الأيادى، ومواجهة أى محاولة للفساد.
وإذا كنا قد عانينا من فساد عصر مبارك فإن أغلب الفاسدين فى عهد المخلوع كانوا من حاشية النظام، ولكن منذ أكثر من ثلاث سنوات وحتى الآن نعيش عصر الفساد الجماعى، فالجرائم بكل أنواعها يرتكبها الجميع من كل الطبقات، وفى كل المناصب، ودون رادع أخلاقى أو دينى أو قانونى، والنتيجة تآكل الدولة، وانتشار الفوضى فى كل مكان.. علينا جميعًا أن نعترف بأن مصر الآن تعيش عصر الفساد الجماعى بعد اختفاء دولة القانون، واستهتار المواطن بكل القيم، وهذه هى آفة ما بعد يناير 2011 حتى الآن، خاصة أن هناك أغلبية لم يعد لديها أى انتماء، وهو ما جعل تفشى الفساد هو الأعم، وأصبحنا لا نخشى على مصر فى عهد دولة السيسى من إرهاب الإخوان، بل نخشى من فساد الحاشية التى أسقطت أنظمة مختلفة، وتحاول الآن تأسيس دولة، وهو ما يحاربه كل شريف فى دولة السيسى، حتى نستطيع بناء وطن، وهو ما نحلم به جميعًا.. فهل يحدث، أم يظل الفساد هو صاحب اليد الطولى فى حكم البلاد والعباد؟.. أتمنى عكس ذلك.. اللهم احفظ مصر من الفساد والمفسدين، أما الإرهاب والإخوان فنحن قادرون عليهم.. اللهم آمين.
عبد الفتاح عبد المنعم
الفساد بين حاشية «مبارك» وجماعة «قال الله وقال الرسول»
السبت، 01 أغسطس 2015 12:00 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة