ثمة أحلام، لا تحققها إزاحة عبدالواحد النبوى من موقعه كوزير للثقافة، لأنه تم إزاحة السابقين من مواقعهم ولم تتحقق هذه الأحلام، كما لن يحققها أيضا الإبقاء على عبدالواحد النبوى فى موقعه، تلك هى المعضلة.
من الأحلام الكبيرة التى بت أحلم بها منذ عودتى من مدينة «فنترتور» السويسرية العام الماضى، فكرة دعم الدولة للعمل الثقافى وتشجيع العاملين فيه، أو من يستثمرون أموالهم من أجله، لا أعنى هنا بدعم الدولة العمل الثقافى، أن تكتفى فقط بضخ الأموال ومنحها للمثقفين لشراء الكتب، أو لنشرها، أو حتى بتنظيم المسابقات الأدبية.
إذا أرادت الدولة أن تحل أزمة الخطاب الدينى، فبوسعها أن تتدخل بأيديها وأصابعها فى مجالات حيوية غائبة عنها، على رأسها المجال الثقافى والتعليم، ولكن كيف يمكن أن تتدخل دون أن تقع فى محاذير المحاباة، والاستثمار الخاطئ، الذى يهدر الأموال، ولا يعود بنفع سريع؟
هل تخيل القائمون على الدولة أن النشء الذى يتربى فى بيوت تحتضن تيارات فكرية مختلفة، هو كنز بوسعنا أن نصونه ونحمى مستقبل هذا البلد إذا أردنا عدم السقوط فى هوة التطرف والجموح، لكن كيف نصل لهذا النشء، الأمر أسهل لأن هذا النشء موجود فى المدارس، فى المراحل التعليمية المتقدمة، فلماذا لا تتحرك الدولة تجاه هذا النشء، بإقرار حصص المطالعة والموسيقى كمواد دراسية أساسية تضاف للمجموع، هل يكره القائمون على التعليم فى هذا البلد أن تصدح المدارس بصوت الموسيقى؟
إذا أردنا فنانين ومثقفين، وممثلين فلماذا تم إجهاض المسرح المدرسى؟، لماذا لا تتحرك الدولة لدعم إعادة المسرح فى المدارس، والجامعات؟ فرق الجامعة المسرحية أخرجت أفضل فنانينا، فلماذا نسيناها؟، وهل سيكلف الدولة شيئا أن تبنى مسارح فى المدارس والجامعات؟
المعضلة ليست فى تغيير وزير الثقافة والإتيان بآخر، هل فكرت الحكومة مثلا فى تقديم دعما للصحف لنشر أعمال إبداعية للشباب، هل تعرف الحكومة مقدار سعادة مبدع بنشر قصيدته، أو قصته؟
كيف يمكنك أن تحتضن طاقات الشباب، وأنت لا تناقش أفكارهم فى الجامعة، وفى المدارس؟ دون أن تصادر أفكارهم، أو ألسنتهم، أو تعترض على محتوى عمل مسرحى يقدمونه، لماذا لا تتجه الحكومة لتقديم دعم للمسرح، بتحريك مسرح متنقل فى أنحاء الجمهورية؟
هل فكرت الدولة فى رفع ميزانية الأنشطة الثقافية، ودعوة رجال الأعمال إلى الاستثمار فى قصور الثقافة المتوقفة، ليس بإعادة ترميمها، بل بتشجيع موظفيها على إرسال أبنائهم إلى هذه القصور، وإلحاقهم بفرق الكورال، لماذا لا يطلب مسؤولو الاستثمار من الشركات الكبرى تخصيص إدارة داخلها تكون مهمتها تثقيف الموظفين، وشراء الكتب بشكل إلزامى من الناشرين؟
هل من الصعب أن تطلب الدولة من شركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص تخصيص قاعة مكتبة للإطلاع؟ هل من الصعب إصدار قانون ملزم للمؤسسات وشركات المحمول بتخصيص إعلان كل شهر لكتاب، أو ديوان، أو كاتب، واستضافة كاتب شاب فى ندوة بمصنع حكومى، يسمع الناس، والناس تسمعه.
لماذا لا تضخ الأوبرا كوتة من تذاكرها فى الجامعات؟
ثمة أفكار وأحلام كثيرة، منها تشجيع الصحافة الثقافية، ودعم المجلس الأعلى للصحافة للصحف الخاصة لتحافظ على الصفحة الثقافية بشكل أسبوعى، لماذا لا تستعيد المؤسسات الصحفية الكبرى التقليد القديم لنشر القصائد فى الصفحة الأولى بالأهرام فى يوم ما من أيام الأسبوع، هل من الصعب إبرام اتفاق ضمنى بين رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة على تحديد يوم معين يتم حجب كل الأخبار السياسية والحوادث والذى منه، وتكون الصفحات كلها عن الثقافة وعن الكتب وقصائد الشعر، لماذا لا تهمل برامج التوك شو الأحداث السياسية الساخنة، وتستضيف الكتاب والشعراء لمدة 3 أيام كل أسبوع، نمنح رجال الأعمال إعفاء من الضرائب فترة خمس سنوات إذا افتتحوا مكتبات خاصة لبيع الكتب، أو شاركوا بأموالهم فى دعم أنشطة ثقافية، وقدموا ما يثبت ذلك، هل من الأفضل أن نفتتح كافيهات فى الشوارع، أم نفتتح مكتبات يلتقى فيها الناس ويقرأون؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة