لا يحتاج حمدين صباحى لشهادات من أحد حول وطنيته أو نضاله. وهو نضال دفع ثمنه فى حينه، خاض انتخابات مجلس الشعب فى مواجهة الحزب الوطنى فى عنفوانه وخسر وكسب، وشارك بالكثير فى ثورة يناير و30 يونيو، وتعامل فى خصومته مع الإخوان بشرف، تحالف معهم عندما كان يرى هذا من مصلحة الوطن، وواجههم علنا عندما رأى الانحرافات والأخطاء والفشل.
وفى الانتخابات الرئاسية الأخيرة خاض المنافسة بشرف، وخسر لضرورات الوضع، والتوقيت وتقدير الناخبين، والدليل أنه كان فى الانتخابات الرئاسية الأولى منافسا مهما وتعرض لمناورات وكان فى مقدمة الصفوف. وفى كل هذا أخطأ وأصاب.
نقول كل هذا لننشط ذاكرة بعض المزايدين ممن عينوا أنفسهم محققين وقضاة وبوليس، لأنهم رأوا حمدين ضمن الحضور فى احتفالات قناة السويس. فى البداية غضبوا لعدم دعوته، ولما تأكدوا من الدعوة طالبوه بعدم المشاركة، ولما شارك عاتبوه وهاجموه بدعوى أنه ظهر فى الصور بجوار عدد من الفنانين منهم صديقه الفنان القدير سامح الصريطى والفنان محمد هنيدى.
والخلاف مع حمدين أو حوله وارد، لكن المزايدين كانوا سيهاجمونه سواء غاب أو حضر أو جلس فى الصفوف الأولى، قليلون من هؤلاء ذوى نيات حسنة، وكثيرون يبحثون عن حجة للمزايدة والطنين والزن «الهمبكاوى» و«حبطاء» الاكتئاب الفصامى المتناثر.
حمدين تأثر بالهجوم، واضطر لكتابة بوست على فيس بوك يعلن فيه «أعلم أن الحزن فى مصر سخى والفرح شحيح، وأنا واحد من ملايين الفرحين بإنجاز هو باختصار من أموالنا وبإيد عمالنا»، ثم أعرب عن احترامه لمن طالبوه بعدم المشاركة، وقال «اختلف معهم، رأيى هو ما فعلت برضا ويقين المشاركة»، معربا عن تفهمه لمشاعر الغاضبين من بعض الصور بسبب مكان الجلوس أو بعض من ظهروا فيها. الرد كان تقديرا لآراء لمح صدقها، لكنه بدا متأثرا من الهجوم، وربما خضع أحيانا للمزايدة، وربما بدا متفقا مع غضب لعدم تقدير من المكان والطريقة، لكنه ليس محقا فى مسايرة من هاجموه لمجرد جلوسه بجوار فنانين ونجوم. وهو ممن يقدرون الفن. وهو ليس مسؤولا عمن ظهروا فى الصورة، ولا يفترض له أن يتأثر بهذا فهو سياسى ومرشح رئاسى وارد أن يلتقى الشعب.
حمدين صباحى تصرف من زاوية السياسة، ورفضه المشاركة كان سيفتح أبوابا أخرى للمزايدات، وسبق له وتحرك بضغط منها. وهى ليست المرة الأولى أو الأخيرة، لكن السياسى يجب أن يفعل ما هو مقتنع به بعد تقدير سياسى من كل الزوايا، مع العلم أنه لن يرضى كل الأطراف، خصوصا المزايدين. ونحن فى زمن يكثر فيه الضجيج، ويقل الفعل، ويعجز «المهنكرون» عن تقديم أى بديل.