المهمة التى يقوم بها الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، والتى تستهدف فى المقام الأول تنفيذ العديد من المشروعات التى تتبانها الدولة من أجل توفير سكن مناسب لجميع فئات المجتمع، أشبه بالمهمة الانتحارية التى يقوم بها المقاتلون المدربون على أشد أنواع الحروب، فالدكتور مصطفى مدبولى، ومنذ اليوم الأول له فى الوزارة اصطدم بعراقيل ومعوقات من الحجم الثقيل، كفيلة بإجهاض أى مخطط تنموى، وكفيلة بوأد الأفكار النبيلة وهى ما تزال فى المهد، لكن اعتماده فى المقام الأول على رؤى واستراتيجيات محددة وواضحة تجعله أكثر قوة وأكثر صلابة وإصرارًا على مواصلة المشوار إلى آخره.
واللافت للنظر أن الدكتور مصطفى مدبولى لا يلتفت إلى تلك «المنغصات» التى تعترض طريقه، مؤمنًا بأن قيمة الرسالة، ونبل الهدف يستحقان أن يتحمل من أجلهما أى مشقة، ومن هنا نجده دائمًا ينجح فى اجتياز العقبات واحدة تلو الأخرى، وهو ما نلمسه بشكل واضح، وتتم بلورته على أرض الواقع وبشكل كبير فى تلك المشروعات المتعددة التى يجرى تنفيذها فى توقيت واحد، ففى الوقت الذى بدأت بشائر مشروع إسكان محدودى الدخل تلوح فى الأفق، نرى مشروعات أخرى يتم تنفيذها لفئات أخرى، مثل أصحاب الدخول المرتفعة، وأبناء المصريين فى الخارج، وذلك لأنه على قناعة تامة بأن الدولة ملتزمة بتقديم أكثر من مستوى لإرضاء جميع فئات المجتمع، وفقًا للحقوق التى يقرها الدستور للجميع دون استثناء.
وإحقاقًا للحق، فإننى لا أخفى إعجابى الشديد بتلك الروح المتفائلة التى يعمل بها الدكتور مصطفى مدبولى، فحينما أستمع إليه أشعر بالأمل، وينتابنى إحساس قوى بأننا مقدمون نحو غد أفضل، فهو وبشكل مستمر نراه فى كل خطوة يخطوها يبث فى نفوس المحيطين به الطاقة الإيجابية، وروح التحدى والمغامرة التى شئنا أم أبينا فإنها تأتى بنتائج طيبة، وتعكس على الجميع قيمة إعلاء شأن العمل، وفق منظومة أساسية تستهدف فى المقام الأول تطوير مستوى الخدمات المقدمة إلى المواطن.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإننى مشفق عليه من كل تلك المشكلات التى تحيط به من كل جانب، فهو وإن كان يعمل على هذا النحو من الهمة والنشاط، فإنه أولاً وقبل أى شىء ورث تركة مثقلة بالمشاكل والأزمات التى تراكمت عبر سنوات طويلة، وأصبح لزامًا عليه أن ينهى تلك الأزمات فى أسرع وقت ممكن، لأنه لا يمتلك رفاهية الانتظار، ولا يمكن بأى حال من الأحوال المضى قُدمًا نحو تحقيق تلك المشروعات الكبرى التى تضعها الدولة فى أولوية اهتماماتها دون أن يقوم أولًا بوضع حد لتلك المشكلات المتراكمة، والكفيلة بأن تقضى على أى بارقة أمل، لأن قطاع الإسكان والمرافق، على الرغم من أهميته، فإنه ظل بعيدًا عن اهتمام الدولة لفترات طويلة لأسباب غير مفهومة.
لكن ما لمسته بنفسى وأنا أتابع ما يقوم به الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، من أجل خلق مجتمعات عمرانية جديدة، يجعلنى على يقين بأن القادم سيكون أفضل، فما يجرى على أرض الواقع يشبه إلى حد كبير خلية النحل التى تعمل وفق منظومة شديدة الدقة والنظام الذى لا يدع أى مجال للصدفة، ولا يترك شيئًا دون أن يسير على أسس دقيقة، ويكفى أن نعرف فى هذه المسألة أنه استطاع أن يضاعف ميزانية المجتمعات العمرانية 4 أضعاف خلال عام منذ توليه الوزارة، وهذا فى تقديرى إن دل على شىء فإنما يدل على أن هناك آليات عمل، وأن هناك مشروعات حقيقية تجرى على أرض الواقع، وأن عهد المشروعات التى كانت تتم على الورق فقط قد انتهى إلى الأبد، ولن يعود مرة ثانية، حيث أصبحت لدينا بالفعل خطط ومشروعات تنموية يجرى تنفيذها وفق برامج زمنية محددة، ووفق منظومة عامة تعتمدها الدولة فى جميع الأنشطة والمشروعات التى تجرى على أرض مصر فى جميع المحافظات.
ولم تقتصر المشكلات التى يواجهها الدكتور مصطفى مدبولى عند حد المعوقات والعراقيل التى يفاجأ بها نتيجة تلك التركة المثقلة بالأزمات، والتى ورثها منذ توليه الوزارة فحسب، بل تمتد لتصل إلى حد التشكيك فى جدوى ما يجرى من مشروعات جديدة تقوم بها الوزارة، فبعد انتهاء المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى مارس الماضى بشرم الشيخ فوجئ بسيل من الشائعات التى تستهدف التشكيك فى مذكرات التفاهم التى تم توقيعها لمشروعات شراكة مع وزارة الإسكان، وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يدخل فى مهاترات، ولم يسمح بأن يضيع وقته، ويهدر طاقته فى الرد على هؤلاء المشككين فى جدوى تلك المشروعات، وكان أبلغ رد على ذلك أنه تم بالفعل تحويل 3 مذكرات تفاهم لمشروعات تتعلق بالإسكان إلى عقود تنفيذية، وهى مشروعات «العاصمة السياحية بمدينة 6 أكتوبر، والمشروع السكنى بالقاهرة الجديدة، والمشروع السكنى بمدينة 6 أكتوبر»، فتحولت هذه المسألة إلى نموذج أرى ضرورة أن يحتذى به الوزراء والمسؤولون فى الحكومة، لأننا فى توقيت حرج من عمر الوطن، يتطلب أن يكون الرد الحقيقى على المشككين هو القيام بترجمة تلك المشروعات التى يتم التشكيك فيها على أرض الواقع، وجعلها كيانات ملموسة يراها الجميع رأى العين، ولنا فى الرئيس السيسى خير مثال، فهو رجل أفعال لا أقوال، وذلك لأن الناس قد سئمت سماع التصريحات الوردية والكلام الذى لا يقدم ولا يؤخر، فالناس وبعد معاناة سنوات طويلة لم تعتد تحتمل أى مسكنات.
هكذا يكون الوزير الكفء الذى يستحق أن يكون عضوًا فى حكومة تعمل فى عهد الرئيس السيسى الذى يسابق الزمن، ويصارع الروتين، ويحارب البيروقراطية، وهو بالطبع لن يتمكن من تحقيق ذلك دون أن يكون من بين أدواته وأسلحته وزراء ومسؤولون مدربون على العمل فى الأجواء الصعبة، وقادرون على تنفيذ المهام الصعبة والشاقة.
لقد استوقفتنى مسألة مهمة فى الأسلوب الذى ينتهجه الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، فى أداء عمله، فهو يسير فى تنفيذ المشروعات بشكل أفقى، أى أنه يقوم بتنفيذ عدة مشروعات فى توقيت واحد، حيث يرى أن هذا الاتجاه يضمن تحقيق طفرة فى عدة مجالات دون أن يطغى مشروع على الآخر، وبذلك نضمن وصول تلك الخدمات لأكبر قدر ممكن من المواطنين، ففى الوقت الذى نراه يقوم بتنفيذ مشروعات إسكان تخص فئة معينة، نجده يقتحم مشكلة الصرف الصحى فى القرى، والتى كانت إلى وقت قريب تعد من المشروعات غير المرغوب فى الاقتراب منها، نظرًا لضخامة هذا الملف، وصعوبة تنفيذه بالشكل الأمثل، نظرًا لعدم وجود رؤية واضحة للحل، لكن الدكتور مدبولى لم يتردد لحظة فى المضى قُدمًا نحو تحقيق نقلة نوعية فى الصرف الصحى الذى تحول على يديه إلى مشروع مهم، يحظى بتقدير تام من جانب المواطنين، لأنهم لمسوا بالفعل وجود تحرك من جانب الوزارة سيكون له أثر إيجابى بكل تأكيد على المدى القريب، فقد علمت منه أن هناك 1087 مشروعًا للصرف الصحى يتم العمل بها حاليًا، إضافة إلى 240 مشروعًا آخر بالقرى تم الانتهاء من تصميماتها، ومن الممكن فى حالة توافر التمويل أن يتم الانتهاء منها فى 6 أشهر.
وهو ما يدفعنى إلى القول «وداعًا» لتلك المشروعات التى كانت تتم بشكل فردى، ومن خلال موافقات كان يحصل عليها أعضاء مجلس الشعب لإرضاء أهل دائرتهم، فكانت النتيجة هذا الكم الهائل من المشروعات التى لم تكتمل، لأنها لا تتعدى كونها مجرد مسكنات وقتية، وكانت- للأسف الشديد- المحصلة النهائية لهذه التصرفات المزيد والمزيد من التعقيد الذى شهده قطاع الصرف الصحى فى مصر، والآن أتمنى أن نطوى هذه الصفحة على يد الدكتور مصطفى مدبولى، فلو تم بالفعل الانتهاء من تلك الخطة التى يقوم بها الآن، فإننا نكون بالفعل قد أنجزنا مشروعًا حقيقيًا سيجنى ثماره كل مواطن يعيش على أرض مصر، خاصة فى تلك القرى التى ظلت محرومة من تلك النوعية من الخدمات الأساسية لسنوات طويلة.
وربما أهم وأبرز ما يميز الدكتور مصطفى مدبولى أنه لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، فما أن تتخذ القيادة السياسية قرارًا بتنفيذ مشروع معين يتعلق بوزارة الإسكان حتى نجده، وعلى الفور، قد حول هذا القرار أو ذاك إلى واقع ملموس، فتجد المرافق وقد امتدت إلى موقع المشروع، وتحول المكان بقدرة قادر إلى منطقة عمل تتحدث عن نفسها، وتقطع الألسن المغرضة التى لا تنظر إلا للأشياء قاتمة، ولا تبرز سوى الأزمات. ففى هذا الإطار استطاع أن يحول فكرة مشروع المليون وحدة سكنية إلى واقع ملموس، حيث تم تنفيذ 200 ألف وحدة سكنية خلال عام فقط، ليؤكد بالدليل القاطع أنه وزير أفعال لا أقوال، حتى وإن كان يعمل فى صمت فإنه ينجز ما لا يستطع إنجازه الآخرون الذين يملأون الدنيا ضجيجًا.
وأعتقد أن التحدى الأكبر الذى يواجه الدكتور مصطفى مدبولى، والذى يعوق حركته بعض الشىء فى وزارة الإسكان يتمثل فى ملف مياه الشرب، حيث إن مصر بلد النيل تعانى انقطاعًا متكررًا فى مياه الشرب، وهو ما يترتب عليه تفاقم تلك المشكلات ويزيدها تعقيدًا، ولكن الرجل بحماسه وقدرته على امتصاص الأزمات نجده وقد أحاط هذا الملف الشائك بعدة عناصر كفيلة بأن تضمن له النجاح، فيكفى هنا القول بأن هناك 83 مشروعًا لمياه الشرب يجرى تنفيذها حاليًا، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منها قبل الصيف المقبل، ومن المقرر أن تضيف حوالى 2.5 مليون م3 يوميًا.
خلاصة القول.. إننا أمام تجربة وزارة ناجحة بكل المقاييس، يقودها وزير نشط يعرف جيدًا متى وأين يضع قدميه حينما يخطو بخطى واثقة نحو تحقيق الهدف الأسمى الذى تنشده الدولة، وهو تقديم أفضل ما يمكن توفيره من خدمات لجميع فئات المجتمع، كما أنها تجربة تنبئ أيضًا بأن اختيار الوزير حينما يكون متسقًا مع متطلبات الواقع، فإن النتائج بلا شك ستكون أفضل ما يكون.
محمد فودة
محمد فودة يكتب.. د. مصطفى مدبولى.. يد تبنى ويد تعيد الاعتبار للمرافق العامة
السبت، 15 أغسطس 2015 06:13 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة