لدينا على المستوى العام استعداد كبير لتصديق وتبنى وإعادة ترويج الشائعات السلبية، لا أدرى لماذا؟ هل الأمر يدخل فى إطار الكيد السياسى الذى يعلو حاليا ويتجاوز منطقة الخلافات السياسية إلى كل المجالات؟! أقول ذلك بمناسبة الشائعات الكثيرة التى انتشرت بعد الموجة الحارة التى ضربت مصر وعددا من البلاد المحيطة وتسببت فى وفاة أكثر من سبعين مواطنا.
التفسيرات الصادرة من وزارة الصحة أفادت أن ضربة الشمس أو الإجهاد الحرارى السبب الرئيسى فى حدوث الوفيات، وأن معظم المتوفين من كبار السن وممن يعانون من أمراض الضغط والسكرى والقلب، وممن يتعرضون للشمس مباشرة فى أوقات الذروة أو يتناولون أدوية تساعد على ارتفاع درجات الحرارة كما حدث مع مرضى مستشفى الأمراض النفسية بمنطقة الخانكة، لكن الأصوات تعالت على مواقع التواصل الاجتماعى بأن وباء الالتهاب السحائى انتشر فى مصر، من أين جاءت هذه المعلومات؟ من تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية يفيد بانتشار المرض فى بلدان وسط وغرب أفريقيا، لكن ما علاقة مصر بهذه البلدان؟ ومن أين نستقى معلوماتنا المؤكدة؟
حدث ربط مباشر بين تقرير منظمة الصحة العالمية بخصوص بعض بلدان أفريقيا وبين ما يحدث فى مصر من وفيات نتيجة الموجة الحارة، وسرت شائعات انتشار الوباء فى مصر باعتبارها الخبر السرى المؤكد الذى تحاول وزارة الصحة والحكومة التكتم عليه، وانطلق المحللون وأسطوات الفتاوى على مواقع التواصل الاجتماعى ليقعدوا لنظرية الأمن الاجتماعى وضرورة أن تتكتم الحكومة على مثل هذه الأوبئة حال حدوثها حتى لا تسبب الذعر والفزع بين الناس، غير عالمين أنهم بفتاواهم وتحليلاتهم يؤكدون الشائعة، بينما مسؤولو وزارة الصحة الجهة المعنية بالأمر يدورون على الفضائيات والمواقع الإخبارية يحلفون أيمانا مغلظة بأن تقرير الصحة العالمية لا علاقة له بمصر، وأن الكلام عن انتشار أوبئة عندنا كذب صريح، ومع ذلك، لا نريد أن نصدق الجهات المسؤولة عندنا ونستمتع بترويج الشائعات والتشكيك فى نوايا وزارة الصحة والقائمين عليها، بينما المنطق يقول إنه حال ثبوت وجود وباء مثل الالتهاب السحائى فى مصر أو زيادة معدلات الإصابة عن الحد الطبيعى مع تكتم المسؤولين وإنكارهم كفيل وحده بالعصف بهم، لأنهم لم يتخذوا الاحتياطات أو يعملوا بالإرشادات المقررة، وفى هذه الحالة سينتشر الوباء مثل الكوليرا ولن يمكن لأى مسؤول التكتم عليه!
يارب ارحمنا من أسطوات الفتاوى ومن تجار الشائعات، واهدنا إلى ما فيه الخير لأنك أعلم بما يمر به بلدنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة