«صباح الخير يا مصر الجديدة.. صباح الخير يا مصر البعيدة.. صباح الجرح ع المكشوف.. صباح الدبح فى المجروح.. صباح ممسوح، ودموعه نازلة مفتفتة، شبه فتارين وسط البلد، وسط الشتا».. هذه الكلمات التى كتبها الشاعر عمر طاهر وتغنى بها المطرب محمد محسن تجسد، من وجهة نظرى، فقدان مسؤولى الأهلى والزمالك واتحاد الكرة معنى حب الوطن والنزول إلى أرض الواقع والإحساس بمشاعر المواطنين وحزن الشوارع وانتظار الجميع لوطن نتعايش فيه يسوده الركن الأكبر من السلام والتسامح، بل هم يجيدون لغة اللعب على وتر تعصب جماهير الكرة للتلميع الإعلامى حتى ولو على حساب جثث الآخرين.
الحرب الشرسة والأزمة الدائرة حاليا بين اتحاد الكرة والأهلى والزمالك بعد قرار وقف أحمد الشيخ، لاعب الفريق الأحمر الجديد، لمدة 4 أشهر وغرامة 133 ألف جنيه، بسبب توقيعه لناديين، وما تبعه من قرار مجلس القلعة الحمراء برئاسة محمود طاهر بالانسحاب من المشاركة فى البطولات التى تنظمها الجبلاية اعتراضا على القرار، ثم خروج مجلس الزمالك متمثلا فى مرتضى منصور، رئيس النادى، يهدد ويتوعد الجميع فى حالة التراجع عن إيقاف اللاعب، كل هذه الأمور تؤكد أن ما يحدث على الساحة الكروية ليس له علاقة بالتعبير عن عشق هؤلاء المسؤولين لجماهير كرة القدم بوجه خاص على أساس أنها اللعبة الشعبية الأولى المتسلط عليها الضوء.. فهم فى حقيقة الأمر يبحثون عن مصالحهم الشخصية حتى فقدت الكرة براءتها وعذريتها، بعد أن اقتحمتها وصلات الردح والشتائم والقرصنة على الفضائيات والإعلام، وجعلتها أهم من العلاقات البشرية الأخرى، واحتلت فى ذلك أمكنة لا ينازعها عليها أحد، ولا ينافسها فى حجم المضاربات الدائرة حولها منافس.. فالصراع الدائر فى الوقت الراهن يثبت صحة ذلك بأن هناك مستقبلا مظلما يحوم حول إنهاء كلمة التنافس الشريف من «قاموس» الرياضة داخل مصر.
«أنس مات».. اليوم أشعر أن دماء أنس محيى الدين، أحد أبرز مشجعى الكرة فى مصر وأصغر شهيد فى مذبحة بورسعيد، راحت ضحية لأكذوبة كبيرة اسمها «الرياضة نبض الحياة».. فحينما تجد أن المواقف والأمور تسير عكس التيار ويزداد التعصب الذى يؤدى إلى العنف المحتمل ويقترب من قيادتك إلى مذبحة جديدة فاعلم جيدًا أننا أصبحنا نفتقد الأخلاق وأبسط الأحاسيس والمشاعر الإنسانية.
الأمر لا يحتاج تدخل وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز أو رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أو الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه، وإنما يحتاج إلى ضمير حى والعمل الجاد على إنقاذ البلد من الضياع خلف أفكار هدامة وأخطاء جسيمة بسبب جهل لاعبين ومسؤولين بلوائح وقوانين الرياضة، وإذا كانت الأحداث ستقودنا فى النهاية إلى حلول للأزمة، فيجب ألا تكون هذه النهاية، لأن الموقف ذاته سيحدث مرة أخرى، فلابد أن تصل الرسالة التى يعلمها الجميع بأن المنافسات الرياضية هدفها الأساسى هو بث روح التنافس الشريف بين الأطراف ، بدلاً من الانسياق خلف التعصب المهووس الذى يفقد كل شىء قيمته الحقيقية، خاصة فى ظل الاندراج خلف التعصب الأعمى والاندفاع العاطفى اللامدروس تجاه نادٍ كروى، وما قد يصاحب ذلك من شغب وأحداث مؤسفة، وهو ما نشاهده فى ملاعبنا حاليًا، فهل يسمى ذلك رياضة؟!