احذر أن تقرر أن تكون موضوعيا فى هذا الزمن، احذر أن تقرر أنك لن تكون مع فصيل بعينه بإيجابياته وسلبياته، احذر أن تقرر أنك ستذكر الجيد وتشيد به، وتنتقد السيئ وتهاجمه حتى لو كنت لا تتفق مع هذا أو ذاك ٪100، فى كل موقف ستجد المتربصين بك الذين لن يذكروا المتفق بينكم، ولكن سيركزون فقط على المختلف بينكم ليصبح أداة وسببا مقنعا لهم لإلقاء قوالب معدة مسبقا من السب والقذف والاتهام والتخوين.
فإذا قررت أن تكون موضوعيا، فتكتب عن الظلم تارة وعن الحق تارة أخرى، عن الحزن مرة وعن الفرح مرة أخرى، عن إنجاز أحيانا وعن وهم أحيانا، فستجد مع كل تغريدة دوافع لدى الآخرين المختلفين معك لينهالوا عليك بالأسئلة الاستنكارية مصحوبة بسلسلة من الاتهامات والسباب، فكيف تفرح ولدينا قانون تظاهر باطل؟ وكيف تحزن ولدينا إنجاز بهر العالم وهو قناة السويس الجديدة؟!1 كيف تكتب عما لمسته أنت شخصيا من رجوع السياحة بنسبة معقولة فى مناطق كشرم الشيخ والغردقة؟ فهذا موضوع تافه بالنسبة لشخص قرر أن يهاجمك ويعتبر ما كتبته نوعا من التطبيل مع أنك مقتنع ولمست ذلك بشخصك والسياحة بالنسبة لك مصدر مهم للدخل الاقتصادى، مش موضوع تافه ولا حاجة، فتكتشف فجأة أنك صُنفت «مطبلاتى»، وكيف تكتب عن قانون تظاهر يطبق بالمزاج، يطبق على شباب جدعان يهتفون من أجل الحرية بلافتة وبكلمة ولا يطبق على ناس تتظاهر ضد القبض على شخص صدرت ضده أحكام واجبة النفاذ؟! وهنا تصنف فجأة أيضا أنك عميل وخائن وطابور خامس وبتكتب علشان تعكنن على الناس فى عز فرحتها وخلاص، وكيف وكيف وكيف؟! وأحيانا ستجد من يصفك بأنك إنسان غير طبيعى وغامض عندما يجدك تفرح وتمدح شيئا جيدا حققته الدولة وتحزن لانتهاك قامت به نفس الدولة! ويطرح عليك السؤال العجيب الغريب: «أنا مش فاهمك، أنت مع مين بالضبط؟!» فتقف مصدوما عاجزا عن الرد.
الخلاصة، لابد أن تختار وأن تكون مع طرف ولا ترى عيوبه، وتكون ضد طرف ولا ترى غير عيوبه، كى تجد لك مكانا تعيش فيه، أما أن تكون موضوعيا ترى الإيجابيات والسلبيات لكل الأطراف فليس لك مكان للعيش وسط الاستقطابات المجتمعية التى قاربت أن تشطر المجتمع شطرا لن يلتحم بعده المجتمع مرة أخرى.
وإذا آمنت بموضوعيتك وشعرت أنك لن تكون غير نفسك وتنقل ما يقوله فقط ضميرك، فعليك أن تختار بين اختيارين لا ثالث لهما، الأول أن تعبر عما بداخلك تجاه الأشياء سواء بالحب أو بالكره، بالإعجاب أو بالنفور، ولا تكترث بالناس وتعليقاتهم نهائيا وتستخدم خاصية البلوك لمحترفى السب والقذف ليس فقط على مواقع التواصل الاجتماعى بل فى الحياة اليومية أيضا حتى إن وصل بك المطاف أن تقف وحيدًا بموضوعيتك ولكنك مقتنع ومؤمن وضميرك مرتاح، أما الاختيار الثانى فهو أن تهزم أمام غوغائيات الاستقطابات وتقرر أن تصمت للأبد، كلا الاختيارين صعب تنفيذه، ولكن لابد أن تختار وتنفذ بحسم وصرامة حتى تستطيع أن تصارع للبقاء وسط استقطابات الموت الفكرى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
ولو
عدد الردود 0
بواسطة:
عايزين أمل و تفاؤل
الفرق بين الموضوعيه و الكآبة ،، أقتراح لليوم السابع: لماذا لاتصدروا قسم كوميدى بالموقع؟
عدد الردود 0
بواسطة:
wasim ali
مصر كما هي ولن تغيرها شوية مقالات وتظاهرات وحركات ثورية الشعب المصري عصي علي التغيير
عدد الردود 0
بواسطة:
نور الصباح
موضوع قمة في الروعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سما المصريه
الموضوعيه هى الحق و الحقيقه
عدد الردود 0
بواسطة:
على السيد
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل
زهقنا
منك ومن امثالك لان احنا عارفيسن حقيقتكم من زمان
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
هذا كلام المافيا - الواقع و الموضوعية سم قاتل بينما الغش و الخداع عسل دائم
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
Dr.Khalid
نحن مع مصر ولسنّا مع هذا أو ذاك .. فكانت ثورتنا عندما وجدنا الوطن يضيع بسببكم
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدو
إتقوا الله و لتعملوا لصالح الوطن .