يقترب موعد الاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل، الانتخابات البرلمانية، وتطفو على السطح أعراض هيمنة البيزنس على السياسة، فيما يشبه ما وصفه عالم الاجتماع اللبنانى الراحل د. حسن حمدان «الأوليجاركية المالية» أى هيمنة «الطغمة المالية» على سوق السياسة، برزت تلك الأعراض على السطح منذ ظهور جمال مبارك وأحمد عز و«لجنة السياسات»، وكلما وصلنا لاتفاق أو بوادر اتفاق يخرج علينا من يطعن بعدم الدستورية، أو بمؤتمر صحفى «عالمى» ليعلن به قائمة «وهمية» أو ظهورا مفاجئا لشخصية قادمة من الخارج لإعداد قائمة مصطحبا بضع شخصيات من رجال الدولة السابقين، لواءات، سفراء.. الخ، وملوحا بقدرات مالية !
هذه الجهود الحثيثة أخشى أنها لا تعمل لوجه الله أو الوطن بل لشق الصف الوطنى.. الأمر الذى لن يستفيد منه سوى قوائم الإسلاميين خاصة فى الصعيد! أو أن تجد الرئيس السيسى يحاول جاهدا المصالحة بين فرقاء حزب الوفد، على عكس ما كان النظام المباركى يفعل، فنجد من يسعى لتعميق الفجوة بين الفرقاء، ويندفع البعض من سماسرة الانتخابات لاستقطاب مرشحى الحزب.. مما سبق يمكن أن نتحدث عن «موت السياسة» وانفتاح بورصة لتداول المقدرات الانتخابية الأمر الذى يشرعن ويقنن التربح السياسى كفائض قيمة للبيزنس، ولما لا وقد أعاد الحزب الوطنى «المنحل» وجوهه القديمة من جديد، ويتواجدون بنسب تتراوح بين 90% و98% فى مرشحى أحزاب (الحركة الوطنية والمؤتمر وجبهة مصر بلدى، وتقل من 60 إلى 70% فى المصريين الأحرار والحرية) وبنسب تتراوح بين 10% و30% فى ( النور ومصر الحديثة والجيل والوفد) وأفراد فى أحزاب أخرى صغيرة.. بالطبع نحن نحترم اختيارت الأحزاب من جهه وضد الإبعاد أو العزل السياسى من جهة أخرى.. إلا للفاسدين وبحكم قضائى، لكن التناقض هو أن أحزاب الحداثة والأحزاب الليبرالية والتقدمية قد مكنت أعضاء الوطنى السابقين من ترشحاتهم رغم الخلاف السياسى والتضاد فى الرؤية مما يشكل معضلة فى الإدارة السياسية للناجحين منهم بعد ذلك فى البرلمان، الأمر الذى يخلق فزعا فى الأوساط التى ترى أن الدستور «الموسوى» الذى هبط بمكانة مؤسسة الرئاسة للمرتبة الثالثة قد يؤدى إلى صدام حقيقى لبنية النظام السياسى المقبل خاصة السلطة التشريعية والرئاسة من جهة وبين الهيئات البرلمانية وقياداتها الحزبية من جهة أخرى، مما يؤهل العملية التشريعية إلى رفع سقف الابتزاز والسمسرة المالية فى عقد الصفقات التصويتية حول مشاريع القوانين المختلفة.. أو التصويت للمراكز القيادية البرلمانية.
كان الله فى عون الرئيس عبد الفتاح السيسى، لأن مكافحة الإرهاب أيسر من هيمنة قوى بعينها على البرلمان المقبل.