هذه القصة تصلح نموذجا لنصف الحقيقة والنظر بكاميرا واحدة وزاوية واحدة. تلقينا الخبر كما تلقاه كثيرون: محافظ الشرقية الدكتور رضا عبدالسلام فى صور يقص الشريط ويفتتح كوافير فى مدينة كفر صقر. طبعا جاءت التعليقات مندهشة ومستنكرة هل انتهت كل المشاكل ليتفرغ المحافظ لافتتاح كوافير؟. وهل يجب أن يفتتح المحافظ كل المشروعات الخاصة. بدأت التكهنات والتحليلات المختلفة، وطبعا مواقع التواصل الاجتماعى ماتتوصاش بدأت عملية الذبح والسلخ والسخرية و«الاستعماق الانفرادى.. وكيف هذا.. أين هو الذى بينما لما».
وأى مواطن من حقه أن يشعر بالاندهاش ويتساءل.. لكن الجزء الثانى أن المحافظ لم ينكر أنه افتتح المشروع، وبالفعل علق الدكتور رضا عبدالسلام، محافظ الشرقية، حول أزمة افتتاحه لمشروع «كوافير حريمى» بمدينة كفر صقر، قائلا «إن المشروع هو مشروع متكامل.. مركز تجميل وأتيليه حريمى، وصالة جيم، وأن صاحبة المشروع فتاة مستفيدة من مشروع تمويل لقروض الشباب (مشروعك) وأنها حصلت على قرض بقيمة نصف مليون».. وقال «لم أرفض دعوة صاحبة المشروع لأنها ممولة من (مشروعك) لتشجيع الشباب خاصة أن المشروع سيخلق عددًا كبيرًا من فرص العمل للشباب»، لافتًا إلى أن مشروع تمويل الشباب معظم المقترضين مولوا مشروعات صغيرة لبدء حياتهم من مشروعات خدمية وزراعية، وبعضهم فتح ورشة وسوبر ماركت أو تربية مواشى وأن القروض وصلت إلى 20 مليون جنيه.
«وتحدثت حنان على صاحبة المشروع وقالت، إنها فكرت فى هذا المجال ومستعدة لتقديم كل العون والمساعدة لتدريب كل من يرغب فى هذه المهنة لأن مشروعها يضم مركزًا لتجهيز العرائس وتجميلهن ومركز سونا ومركز جيم، مضيفة أنها أخذت القرض واستكملت الباقى من عندها ولم تجد أى عقبات وقام الجميع بمساعدتها وتشجيعها لاستكمال المشروع».
طبعا عندما تنظر إلى الجزء الثانى تكتشف أن هناك بالفعل مبررا، أن الفتاة حصلت على تمويل لمشروعها من مال عام، والمحافظ يشجعها، والموضوع له زاوية أخرى مضيئة تكمل الصورة الناقصة، وتمثل خطوة لمواجهة البطالة، وتشجع الشباب، وهو أمر إيجابى يجب أن نشجعه.
اللافت والذى دفعنى للكتابة هو أن عددا كبيرا من رواد «فيس بوك وتويتر «شيروا» الجزء الأول «أن المحافظ افتتح كوافير» وأخفوا الجزء الثانى أنه افتتح مركز تجميل ممولا بقرض عام. البعض ربما لم يعرف والبعض لم يحاول أن يعرف الجزء الثانى. والبعض علم وصعب عليه أن يتنازل عن تعليقات وافيهات تشعره بمتعة النميمة.
لكن تبقى أهمية النظر للأمور بكاميرا واحدة، أو النظر من كل الزوايا، لتكون التحليلات أوضح وأكثر فائدة. والحقيقة أهم حتى لو كانت ثقيلة الدم، وغير مثيرة للنميمة.