(إحنا مش عاجبين بعض) فلا المحجبة تعجبها غير المحجبة ولا المنتقبة تعجبها صاحبة الخمار ولا قائد السيارة يعجبه قائد الموتوسيكل ولا المشاة يعجبهم الاثنين ولا الغنى يعجبه الفقير ولا الجاهل يعجبه المتعلم ولا ولا ولا.
ونظرة واحدة على الفيس بوك أفضل من كل كلامى فصور شواطئ الفقراء المتزاحمين فوق بعضهم تحصد الآلاف من تعليقات السخرية والعار ولقطات حفلات الأغنياء أو تجمعاتهم فى الساحل الشمالى تحصد آلاف التعليقات الرافضة أو الشامتة أو المُستفزة حتى صور مصايف الطبقة المتوسطة أصبحت موضع خلاف واختلاف.
وبالمثل فى الملابس والعادات والسلوك والطباع كلنا ننظر إلى بعضنا البعض بقرف أو استهزاء أو ضجر وأصبح من الطبيعى أن نتبارى فى سب المجتمع والناس وكأننا لسنا منهم وخارج الصورة فتسمع من يقول منا إن المصريين شعب معفن أو يصفه بالعشوائية أو بالقذارة وهذا أضعف الإيمان فهل هذا جلد للذات أم إحساس بالنقص أم عقدة دونية أم إسقاط نفسى أم هو خلطة مريرة من كل ذلك فهذه الطريقة فى وصف مجتمع تعيش فيه وهذه النظرة النافرة التى ننظر بها إلى بعضنا البعض تنفى عنا أى انتماء أو ارتباط بهذا المجتمع وهذه الأرض.
بل تتيح لنا وتعطينا الأعذار لنمرح فيها فسادا وكأننا نعطى لأنفسنا الحجج النفسية للاستمرار فى اللامبالاة وعدم الإحساس بالمسؤولية بل نعطيها أيضا أسبابا مقنعة لاستغلال المجتمع وانتزاع مصالحنا منه ولو على حساب الآخرين فالعقد الاجتماعى الذى يجمعنا باطل طالما لا يوجد من يرضى عن الآخر أو يتركه فى حاله.
باختصار أنا غير موافق على هذا وذلك وذاك وأشعر بالضجر والقرف من كل ما حولى لذلك فلا قيود تمنعنى من استغلالهم أو سرقتهم أو حتى إيذائهم لذلك تحول المجتمع إلى صراع أدغال، فالكل يستغل الكل ويتربح من احتياجاتهم وسبل معيشتهم فالطبيب يستغل حاجة المدرس الذى يستغل حاجة الكهربائى الذى يستغل حاجة الموظف الذى يستغل حاجة العملاء دائرة لا تنتهى من المزايدة والتربح والقسوة وفى النهاية كلنا خاسرون وتحول مجتمعنا إلى مثال للفساد والاستغلال والغلاء وانعدام الرحمة.
وأصبحنا نتبادل نظرات الحنق والغضب بلا سبب ونبحث عن أسباب للاختلاف والخلاف ولو من العدم والكل يتبرأ من المجتمع بالشتائم والشجب والسخرية والكل على يقين أن الآخرين هم السبب رغم أننا جميعا جزء من الكارثة، سنظل على ذلك للأسف إلى أن نفهم أن تغيير المجتمع يبدأ بتغير كل منا لذاته.