كان لابد وأن يحدث تقارب سريع بين القاهرة وموسكو بعد ثورة 30 يونيو، فقد تلاقت المصالح على كل المستويات بين روسيا التى تطاردها الولايات المتحدة وتحاول طردها من المياه الدافئة للبحر المتوسط بتهديد قاعدتها الوحيدة فى طرطوس السورية، وبين الإرادة المصرية المستيقظة بعد طول سبات لتنفض عن نفسها القيود الأمريكية وتثبت لواشنطن أنها قادرة على التحرك وتهديد مصالحها فى المنطقة إذا كانت هذه المصالح تعنى التهديد الوجودى للدولة المصرية.
قبل ثورة 30 يونيو، كانت روسيا تدعم نظام بشار الأسد فى مواجهة الضغوط الأمريكية لإسقاطه وتفتيت الدولة السورية بكل الوسائل، فلم يكن للنظام الروسى من حليف فى المنطقة سوى النظام السورى ولم يكن له منفذ على البحر المتوسط غير قاعدة طرطوس، كما لم يكن مستعدا أن يضع يده فى أيدى الفصائل الإسلامية المتطرفة صنيعة الولايات المتحدة والدمى التى تدفع بها إلى مقدمة الصفوف لتتولى السلطة فى البلدان المضروبة بما سمى عندئذ بالربيع العربى، ولعل ذلك ما يفسر الاستقبال الفاتر لمحمد مرسى أثناء زيارته لروسيا فور انتخابه، إذ التقاه بوتين خارج العاصمة وبدا من اللقاء أن النظام الروسى عازف عن التعاون مع مصر تحت حكم جماعة يصنفها بأنها إرهابية.
اختلف الحال بعد ثورة 30 يونيو تماما، فقد تلاقت المصالح بقوة بين روسيا ومصر، وبدا من حرارة اللقاءات المتتابعة بين بوتين والسيسى أن مصر وروسيا بصدد استعادة العصر الذهبى لعلاقتهما العسكرية والاقتصادية فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى.
وبالفعل اتفقت موسكو والقاهرة على تفاهمات عسكرية وصناعية كبرى ولأول مرة منذ عقود طويلة تستعين مصر بطائرات الميج الحديثة وطرازات الهليكوبتر الروسية والدبابات تى، كما يتجه البلدان لتوقيع عقد إنشاء أول محطة نووية سلمية لتوليد الكهرباء فى منطقة الضبعة بخبرات روسية، وكذا إعادة تأهيل مصانع الحديد المتعثرة وشركة النصر للسيارات وإجراء الصيانات والتجديدات المطلوبة لتوربينات السد العالى، بالإضافة إلى تعظيم التعاون التجارى والعلمى بين البلدين. زيارة الرئيس السيسى لروسيا، تؤكد على توطيد بين البلدين وربما شهدنا فصلا جديدا من معاهدة التعاون والصداقة التى وقعها عام 1971 الرئيسان أنور السادات وبودجورنى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة