فى رواية «أن تحبك جيهان» للمبدع مكاوى سعيد، الصادرة عن «دار المصرية اللبنانية» قبل أسابيع، نحن أمام شخصيات مهمومة بالبحث عن شىء مفقود، كل أحداث الرواية بأشخاصها تدور حول هذا الفقد، البطل أحمد الضوى يبحث عن حب «جيهان»، و«جيهان» تبحث عن الحبيب الذى يؤمن بنفسه دون ادعاء، بعد تجربة ارتباط مأساوية مع تميم الفنان التشكيلى الموهوب الذى انتهت أحلامه بتوقفه عن الإيمان بنفسه، وظل على هذا الحال حتى مات.
يضع «مكاوى» شخصيتى «أحمد» و«جيهان» فى مسارين، وفيما نتهيأ لقرب اللقاء بينهما مع مُضىّ أحداث الرواية، يتباعدان فجأة، وكأن قدرهما أنه لا تلاقيا؟، وبين المسارين تتواصل الأحداث التى تصنعها شخصيات طاغية الحضور فى حياتيهما، مثل «ريم» التى تعد الشخصية المقابلة لجيهان فى حياة «أحمد»، وإذا كانت «جيهان» محيرة وقلقة بعد تميم الذى رحل تاركًا جرحًا غائرًا فيها، فإن «ريم» شخصية مزاجية تمارس حريتها الكاملة مع «أحمد» بعد طلاقها من أستاذ فى معهد الفنون المسرحية، ودراسة لم تكتمل لها فى نفس المعهد، وهجرة مؤقتة معه إلى الخليج، ومحاولات للتمثيل بلا قيمة.
هناك شخصيات أخرى، مثل «عماد»، ضابط الشرطة، صديق «أحمد» الذى يرى فى المعارضة و«كفاية» و«6 إبريل»، «شوية عيال صراصير»، وحضور لليسار كقوة سياسية وحالة فكرية، ممثلًا فى شخصية «حسام» خال «أحمد» وشاعر العامية الذى رحل مبكرًا تاركًا أعظم الأثر فى ابن أخته، و«شريف» الذى تعرض للاعتقال أكثر من مرة، ويحل محل «حسام» فى القيمة المعنوية لدى «أحمد».
يبدو المجتمع فى المدى الزمنى للرواية مفككًا، وبالرغم من أنه لا توجد إحالة إلى تاريخ معين، فإننا نمسكه ونعرفه بسهولة، وتظهر أشخاص الرواية المنحدرة من الطبقة الوسطى، لا تجمعهم هموم مشتركة، فالجميع يبحث عن حله الفردى، وإذا وضعنا مجمل هذه الهموم إلى جانب بعضها، سنتأكد أن شيئًا خطيرًا كان يدوس بأقدامه الثقيلة على الجمال والحق والخير فى حياتنا. وفى المقابل تقدم الراوية حالات المظاهرات التى حدثت قبل ثورة 25 يناير من حركة «كفاية» و«6 إبريل» كفعل إيجابى يطلق صرخة الغضب والتحذير، وينبئ بشىء ما سيحدث، وحدث فى ثورة 25 يناير.
تقدم الرواية ما حدث فى ميدان التحرير أيام الثورة بصورة مطابقة للواقع، حيث لقاء الأحلام المؤجلة، ومحاولة استعادة الشىء المفقود فى حياتنا، ويقدم «مكاوى» كل ذلك بسرد روائى ممتع يدفعك إلى قول: «الله.. الله» مع آخر كلمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة