فى هذا القسم من الكتاب يجدد حسن طاطاناكى الأخطاء «الجرائم» التى اقترفها الإخوان المسلمون فى ليبيا، وبشّر بحتمية زوال تنظيم الإخوان المسلمين من ليبيا للأبد، فيقول «طاطاناكى» إنه عندما فشل الإخوان المسلمون فى الانتخابات النيابية الليبية، وخرجوا منها خالى الوفاض، قرروا أن ينقلبوا على الشرعية باستخدام القوة، وهنا حركوا الدروع التى أرادوا أن تكون ذراعًا عسكرية لهم، وأعلنوا استمرار عمل المؤتمر العام الذى انتهى فعليًا بمجرد أن انتخب الليبيون مجلسًا للنواب، ثم قاموا برعاية عملية «قسورة» التى اجتاحت المطار العالمى، وقامت بحرقه وتدميره على يد ميليشيا فجر ليبيا، وسيطروا بقوة السلاح على المقرات الإدارية الحكومية فى العاصمة، وفرضوا سلطتهم على المصرف المركزى، وأخيرًا لم يخفوا تحالفهم مع كل من يعارض مجلس النواب الشرعى أو يحارب الجيش الليبى.. مهما كان هؤلاء المتحالفون قاعدة، داعش، أنصار.. إلخ، وذلك لغرض واحد فقط هو أن يسيطروا على الحكم فى ليبيا.
لقد مارس الإخوان المسلمون فى ليبيا أبشع أشكال الميكافيلية، وعلى رأسها استغلال العقيدة والقيم الإسلامية الخالدة لتحقيق أهدافهم السياسية الزائلة.
وقد أوضحت التجربة القصيرة لهم فى ليبيا عن أخطاء عشرة ارتكبها هذا التنظيم، وهى أخطاء قاتلة بالنسبة لكل حزب سياسى.. أولًا: استغلال العقيدة الإسلامية لتكون أداة فى سبيل مصلحة سياسية، وهذا إثم دينى وخطأ سياسى، ثانيًا: التفريط فى المصلحة العليا للدولة الليبية فى مقابل مكاسب حزبية، ثالثًا: عدم احترام إرادة الشعب الليبى من خلال عدم القبول بنتائج الانتخابات، رابعًا: تكوين ودعم أجنحة عسكرية مسلحة، الأمر الذى يناقض سياسة العمل الحزبى، خامسًا: التعامل سريًا مع دول أجنبية، وهو أمر محرّم ومجرّم دستوريًا، سادسًا: التحالف مع جماعات مصنفة دوليًا بأنها تنظيمات إرهابية، سابعًا: تهديد أمن المنطقة وتعريض دول الجوار للخطر، ثامنًا:
السرقة والاختلاس من الميزانية العامة للدولة، تاسعًا: تشويه الكيانات السياسية الحزبية المناقضة لها والعمل على تدميرها، عاشرًا: التآمر على إقصاء أو قتل الفعاليات السياسية وقيادات المجتمع المدنى التى لا تتفق معها.
بعبارة أخرى: لقد أتاح الشعب الليبى أمام الإخوان المسلمين فرصة تاريخية للعمل السياسى بشرف، وأفسح المجال أمامهم لإثبات جديتهم وصحة طرحهم، وكانت الاحتمالات بالنسبة لهم متساوية مع غيرهم لعرض برنامجهم لبناء الدولة والتخطيط لمستقبلها المدنى، لكنهم أبوا إلا أن يستهينوا بإرادة هذا الشعب، وسعوا من أجل السيطرة بالخديعة والتزوير تارة، وباستخدام القوة تارة أخرى، وعندما فشلت هذه الأساليب قاموا بالانقلاب رسميًا على الشرعية التى منحها المجتمع الدولى اعترافه وثقته. الإخوان الآن يقفون دون سند فى ليبيا، فالمواطنون غاضبون جدًا من عمليتهم الانقلابية على السلطة، لأن هذه العملية ألغت حق المواطنين فى ممارسة السيادة، كما أن الإخوان يقفون دون سند لهم فى العالم، باستثناء قطر وتركيا اللتين لن يستمر دعمهما للإخوان طويلاً.
بعبارة مختصرة: لقد حكم تنظيم الإخوان على نفسه بالخروج من الحياة السياسية فى ليبيا، ولسوف نشاهد فى المدى القريب حظر هذا التنظيم ومنعه من العمل، بل ربما سيصدر الليبيون دون تردد قرارًا يصنف فيه الإخوان المسلمين باعتبارهم جماعة إرهابية يجب إيقافها، وتفتيت كيانها، وحلّ الجمعيات المنبثقة عنها.. ليبيا الحرة الآمنة ستكون بلدًا يخلو من تنظيم الإخوان المسلمين، والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة