اللهم اكفنا شر الظلم. إن أبغض الظلم هو إنكار ربوبية الله سبحانه وتعالى، أو الشرك بالله جل جلاله.
ولقد بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء برسالة واضحة «أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا»، وهذا لأن الشرك ظلم عظيم، وتخبط فى الظلام العقائدى، إنه عمى للقلب وتخبط فى مسيرة الإيمان.
فالتوحيد هو نور فى القلب والعقل والضمير. ويصل العبد المؤمن للتوحيد من خلال العقل والقلب، لأن الإيمان هو عملية مزدوجة بين القلب والعقل. ففكرة الإله الواحد تدرك عقلا، فالشواهد الكونية وخلق الحياة على الأرض فى مجرة محكمة الخلق فى الفضاء الكونى اللانهائى، فلابد أن هذا الإبداع الرائع من صنع إله واحد كامل الصفات والذات والمنطق يقول جليا، إنه لا يصدر عن الكامل إلا الكمال. وهذه المقدمات تؤدى إلى التسليم بالغيب أى بالآخرة بكل ما فيها من حساب وثواب وعقاب وجنة ونار ونعيم الأخرة للمؤمنين والعذاب لغير المؤمنين. فالذى خلق عالم الشهادة، أى العالم المادى قادر على إبداع عالم الغيب بنفس الإتقان والإحكام. فاستحالة أن يكون هناك أكثر من إله لهذا الكون بشقيه عالم الشهادة وعالم الغيب، بسبب الدقة والإحكام وعدم التنافر والتناسق والنظام والمقدرة والتنوع والعلم والإحاطة الكاملة بالظاهر والباطن، وصدق خطاب عالم الغيب لعالم الشهادة فى صورة الرسالات السماوية، وآخرها كانت الإسلام ورسوله سيد ولد آدم، سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.
لقد حسمت الرسالة الخاتمة ما أثير حول الذات المقدسة، فالله سبحانه ليس مثل إلهة اليونان القديمة المعروفة بالتعددية والصفات البشرية، فالله «قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ويولد لم يكن كفوا أحد»، و«الله لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما فى السموات وما الأرض من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم»، وهو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس السلام، المهيمن، العزيز، الجبار، سبحانه عما يصفون، فمن لا يرى هذا الجمال والكمال فقد ظلم نفسه.