منير مجاهد، عالم ذرة مصرى مشهود له بالوطنية والكفاءة، تدرج فى العديد من المناصب حتى خرج على المعاش، وهو نائب رئيس هيئة الطاقة النووية للدراسات والشؤون النووية، ولم يكن يتدرج فى أى منصب إلا بعد ورود تقارير أمنية، ولم يُقدم فى حقه أى تقرير معيب طوال تلك الفترة، إلا أنه فوجئ فى 14 يوليو الماضى بأنه مستبعد من مشروع الضبعة لأسباب أمنية، الأمر الذى دعاه إلى إصدار بيان جاء فيه: «بعد ثلث قرن من خدمة البرنامج النووى المصرى، قدمت فيه كل ما أملك من علم وهندسة، وساهمت فى رسم المسار الحالى للبرنامج، وتصديت خلاله مع حفنة من المؤمنين بدور البرنامج النووى كقاطرة للتقدم فى مصر لمؤامرات مافيا الأراضى للاستيلاء على موقع مشروع المحطات النووية بالضبعة، والتى لو نجحت لا قدر الله لما كان يمكن استئناف المشروع والمضى قُدمًا فيه» وأضاف: «لا أطالب بتجديد التعاقد، ولا أناقش حق الهيئة فى عدم التجديد له لأى سبب أو حتى بدون إبداء أسباب، لكن أن يكون السبب هو الاعتبارات الأمنية فهو ما لا أقبله، لأننى لا أقبل التشكيك فى وطنيتى ولا فى ولائى لهذا البلد الذى أعتز بانتمائى إليه».
وانتهى بالقول: «لن أترك حقى، فليس لدى ما أورثه لأولادى سوى اسم نظيف، وتاريخ حافل بالإنجازات المهنية والوطنية»، مشيرًا إلى أنه عرض ما حدث معه على وزير الكهرباء والطاقة المتجددة 26 يوليو الماضى، متابعًا: «الوزير اندهش وأخبرنى بأنه سيتابع الموضوع، ويبلغنى بالرد إذا عرف اسم الجهة الأمنية التى تتحفظ على مشاركتى فى المشروع، وأسبابها فى ذلك»، ولكن حتى الأن لم يُبلغ د. منير مجاهد ما الجهات الأمنية صاحبة التحفظات، وما هذه التحفظات الوطن لا يبنى علماء طاقة نووية كل يوم وبسهولة، ود. منير مجاهد واحد من قلة من العلماء، الوطن فى أشد الحاجة إليهم.
ولا أريد أن أذكر بالعالم الجليل الشهيد د. يحيى المشد الذى أرغمته ظروف مشابهة إلى أن يخرج خارج مصر ويعمل بالعراق، وينجح هناك وكيف طالته يد الغدر الصهيونية فى باريس، وللأسف، احتفينا به بمسلسل تليفزيونى بعد ذلك. كما لا أريد أن أصدق أن رجلا أفنى زهرة شبابه فى حب وطنه ما بين دراسات وأبحاث، وإقامة فى أماكن العمل بعيدا عن زوجته وأسرته وأبنائه، يفاجأ بأنه مبعد لسبب يجهله.
ماذا يقول د. منير لأبنائه لينا منير المحامية، ومراد الذى على أعتاب الجامعة بعد أن علمهم حب الوطن؟ هل يقول لهم «أبوكم أعطى كل شىء وفى نهاية الرحلة أبعد بتقرير؟!!» لا أصدق أن يحدث ذلك فى مصر بعد ثورتين، ولا أؤمن أن يحدث ذلك فى عصر القائد المحرر عبدالفتاح السيسى، وأتمنى أن يكون هناك خطأ غير مقصود، لأن منير مجاهد بدلا من أن يرشح لجائزة الدولة التقديرية للعلوم مكافأة لة على ما قدمه للوطن يحدث معه ما يحدث!!
وطنية منير مجاهد اختبرت طوال ما يقارب النصف قرن فى الحركة الوطنية المصرية، من حركة الطلبة 1972، وحتى ثورة 30 يونيو 2013، مرورًا بثورة 25 يناير، أما عن القدرات العلمية الفائقة للعالم الجليل، فقد اختبرت فى الهيئة طوال ثلاثين عامًا، ولا يليق بعد ذلك أن يقف تقرير أمنى عائقًا أمام وطنية وعلم د. منير مجاهد، نائب رئيس الهيئة النووية السابق، ومدير الضبعة!.. د. منير مجاهد طوال نصف قرن مضى رفض أن يغادر وطنه ويعمل بالخارج، لا أريد أن أسيس الأمر، ولا أسبق الأحداث، لكننى أوجه هذا المقال إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، والفريق المعاون له، وفى مقدمتهم اللواء أحمد جمال الدين، مستشار الرئيس للأمن القومى، وأنا واثق تمام الثقة أن كليهما سينتصر لهذا العالم القدير، لأن ما تجمعه الأوطان والعلم لا تستبعده التقارير الأمنية.