اعتراف جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، بأن واشنطن لديها أدلة على ارتكاب قيادات الإخوان أعمالًا إرهابية وأعمال عنف، بداية مبشرة للحوار الاستراتيجى الأول بين البلدين منذ عام 2009، وبعد التوترات التى شابت علاقات البلدين بسبب دعم واشنطن الصريح لمشروع الفوضى الخلاقة بالمنطقة ولجماعة الإخوان تحديدًا، وهو الدعم الذى استمر على مدى السنتين الماضيتين رغم كل الجرائم والموبقات التى ارتكبتها الجماعة، بل إن واشنطن بذلت وتبذل جهودًا جبارة لإنقاذ أداتها السياسية، جماعة الإخوان، من سقوط مستحق فى خندق الإرهاب لا لشىء إلا لتبقى أوراقًا قوية ضد النظام المصرى بيديها.
تصريحات كيرى تبشر بإمكانية استمرار حوار مجدٍ بين البلدين، بعيدًا عن العمى السياسى أو الانحياز لبرنامج أصم يستهدف دول المنطقة مهما كانت نتائجه الكارثية، خاصة بعد فشل النصف الأول من برنامج الفوضى الخلاقة الأمريكى فى مصر، واتجاهه للفشل فى ليبيا وسوريا واليمن، كما تبدو شواهد الأمور وخطوات التحرك على الأرض، التى تدفع ليبيا نحو الاستقرار التدريجى، وتبقى على سوريا موحدة مع إعلاء الحل الدبلوماسى، ومع عودة الحكومة المنتخبة إلى عدن وانكسار الحوثيين وأنصار على عبدالله صالح.
وإذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تطوير علاقتها مع مصر وفق آليات وأطر جديدة من خلال الحوار الجارى، فإنها بلا شك ستعطى القاهرة أوراق إدانة الإخوان بالإرهاب، وسترفع اليد عنها بدرجة أو بأخرى، مقابل الضغط فى المسار الحقوقى ودعم منظمات المجتمع المدنى، فقد بدا واضحًا من خلال تصريحات كيرى فى القاهرة، أن بلاده تريد أن تعطى شيئًا مقابل أن تأخذ شيئًا، تبيع الإخوان جزئيًا مقابل السماح للمنظمات الأمريكية بحرية العمل وتطبيق برامج تدريب وتعليم وإعادة صياغة عقول الشباب والمهمشين وربطها بحملات ترويج الأفكار والقناعات.
وربما تكون الفائدة المباشرة لهذا الحوار الاستراتيجى، أنه قد يعيد صياغة مفهوم الإرهاب بين القاهرة وواشنطن، ليسمى الأشياء بأسمائها، فلن يعود الإرهابى مجرد محتج، ولا القاتل مجرد مسلح، ولا السفاح مجرد مواطن يعتمد العنف، ولن تعود قيادات جماعة الإخوان المحرضون والمخططون والممولون للأعمال الإرهابية مجرد معارضين سلميين.. كل ذلك سيتغير، لكن فى المقابل ماذا ستقدم مصر لأمريكا؟!