أن تسمع الحكومة وهى تتحدث عن البحث العلمى وضروراته، ثم تضبطها متلبسة بتخريبه، فهذا يعنى أنه لا مستقبل يشغلها، ولا تقدم يهمها.
أقول ذلك تعليقا على التقرير المنشور أمس الأول فى «المصرى اليوم» للزميل متولى سالم، بعنوان «أكبر تخفيض بميزانية الزراعة يهدد المليون فدان»، ويتحدث عن أن وزارة التخطيط خفضت ميزانية الوزارة للعام المالى الجديد المخصصة للبحوث والاستثمارات، حيث تحددت بـ400 مليون جنيه بدلا من 600 مليون، وأن ميزانية الوزارة كانت مليارا و300 مليون جنيه خلال تولى الدكتور يوسف والى، ويوضح التقرير أن هذا الانخفاض يترتب عليه انخفاض ميزانية مراكز البحوث الزراعية من 69 مليون جنيه إلى 20 مليونا، ومركز بحوث الصحراء من 32 مليون جنيه إلى 13 مليونا، وتخفيض قطاع استصلاح الأراضى من 234 مليون جنيه إلى 200 ألف جنيه.
ويلغى التخفيض أكثر من 15 مشروعا بحثيا لخدمة القطاع الزراعى بمركز البحوث الزراعية، و12 برنامجا بحثيا فى مركز بحوث الصحراء، ووفقا للتقرير فإن تخفيض ميزانية الخدمات البيطرية من 40 مليون جنيه إلى 21 مليونا يخلق عجزا حادا فى الأمصال واللقاحات التى توفرها الهيئة لنحو 9 ملايين رأس ماشية.
حين تقرأ مثل هذه المعلومات التى تعتزم القطاعات المعنية فى وزارة الزراعة رفعها إلى وزيرها الدكتور صلاح هلال، ليرفعها بدوره إلى رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، فلا تحدثنى عن مستقبل للزراعة فى مصر، ولا تحدثنى عن بحث علمى أو ما شابه، ولا تحدثنى عن خيال مطلوب لأفكار خارج الصندوق من شأنها أن تلهمنا إلى التقدم، حدثنى فقط عن كلام أجوف يقوله المسؤولون عن التضحيات التى يجب أن نقدمها فداءً لمصر، وعن أن الغد لنا و«سنوات من الرخاء فى انتظارنا».
كيف لبلد زراعى أن يكون ميزانية مراكز البحوث الزراعية فيه 20 مليون جنيه سنويا، ثم تطلب من باحثيه ابتكارات تسند الفلاح وزراعته، هذا الفلاح الذى يتحالف ضده مسؤولون ورجال أعمال ونهج اقتصادى لا يعيره أى اهتمام بدليل هذا التخفيض البائس فى ميزانية وزارة الزراعة التى سيعود بؤسها إلى المزارع الصغير بكل تأكيد.
فلتقل الحكومة ما تشاء عن ضعف مواردنا الاقتصادية مما يؤثر على الميزانية العامة وتوزيعها، غير أننا أمام كارثة كبرى تسد كل فرص التقدم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة