تظل فكرة الربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عن طريق مصر بحفر قناة السويس هى الفكرة الشاغلة للعالم منذ مئات السنين، كونها مركزًا مهمًا لحركة التجارة العالمية، وفى كتاب «قناة السويس.. تاريخها ومشكلاتها»، تأليف أنجلو ساماركو، والصادر عن المركز القومى للترجمة، بالتعاون مع دار الكتب والوثائق القومية، يؤكد أنه فى عام 1504م، اقترح الإيطاليون فكرة شق برزخ السويس- حيز التنافس- للسيطرة على التجارة، لضرب طريق رأس الرجاء الصالح، ومن ثم ضرب حركة التجارة البرتغالية، أبرز المنافسين لتجار البندقية.
ويقول المؤلف، إن تجار وأمراء مدينة فينسيا الإيطالية، فى عام 1504م، كان لديهم تصور محدد لأهمية شق قناة بحرية عبر برزخ السويس فى الحياة التجارية، فمن خلاله قد تكون القناة طريقًا بحريًا لبلاد الهند مثل الطريق الذى اكتشفه البرتغاليون، لكنه أقصر وآمن للغاية، هذا الطريق لن يحافظ على القوة التجارية والسياسية لأمراء فينسيا فحسب، بل يزيدها وينميها، وفى الوقت نفسه يحافظ على أهمية البحر المتوسط الذى يعتبر مركزًا للحركة المرورية العالمية ويطورها.
وجاء هذا التصور بعد سيطرة البرتغال على طريق رأس الرجاء الصالح، وتجارة التوابل، ففى شهر يوليو عام 1501م، عندما علم أهل فينسيا أن السفن البرتغالية قد عادت مرة أخرى من بلاد الهند إلى لشبونة محملة بالتوابل، غزاهم إحساس خطير بالقلق، وبوصول هذا الخبر لفينسيا شعرت المدينة كلها بالأسى وسيطر عليها الذهول، واعتبر أكبر الحكماء هذا الخبر هو أسوأ ما يمكن أن يصل من أخبار.
وهنا توصلت فينسيا إلى حل يمكنهم من مواجهة المنافسة البرتغالية فى الأسواق الأوروبية، وهو أن تدرس فينيسيا على الفور عملا تقنيا متقدمًا يتمثل فى فتح طريق بحرى قاطع لبرزخ السويس، بحفر قناة تصل البحر الأحمر مباشرة بالبحر المتوسط، وفى إحدى جلسات المجلس بتاريخ 10 يونيو 1504م، تم عرض الاقتراح ومناقشته، وقد ذكر الكثيرون مدى أهمية البرزخ فى منع البرتغاليين من الإبحار وعرقلتهم، والحفاظ على إمبراطورية التجارة مع الهند، وبالفعل تقدم الفينيسيون المهتمون بمصر بهذا الاقتراح على سلطان مصر والقسطنطينية، لكى يقوموا بشق برزخ السويس على نفقتهم. وتعتمد الفكرة التى وضعها أهل فينسيا على شق طريق ملاحى عبر البرزخ لتجنب الآثار التى ترتبت على اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح فيما يتعلق بتجارتهم، وكان من الطبيعى أن تنتشر أيضًا فى تلك البلاد التى عانت من الآثار نفسها نتيجة للسبب نفسه، أى فى مصر والقسطنطينية.
إلا أن هذا الاقتراح ظل مجرد فكرة، حالت الصراعات المستمرة للتصدى لزحف الأتراك فى بلاد المشرق، دون تحقيقها، وكذلك تبدد المشروع نظرًا للشكوك حول الإمكانية الحالية للقناة، والخوف من سرعة تراكم الرمال بها، والاعتقاد المزيف بوجود اختلاف كبير فى المستوى بين البحرين، ومعاداة المسلمين ورفضهم السماح للأجانب بالتغلغل بشكل يسير فى بلادهم، كل هذه الأسباب منعت الفينسيين من تنفيذ هذا التصميم الجرىء، ومع ذلك انتهت هيمنتهم التجارية والسياسية بالانهيار المحتوم.
كاتب من روما يؤكد: قناة السويس حلم إيطالى عمره 500 سنة.. تجار البندقية اقترحوا شق برزخ فى مصر يربط البحرين الأحمر والمتوسط للسيطرة على التجارة العالمية
الأحد، 13 سبتمبر 2015 06:20 م
قناة السويس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة