إذا كان النزول للشارع هو مقياس نجاح فإن المهندس إبراهيم محلب يحتل المركز الأول، الرجل لم يتوقف عن العمل الميدانى طوال توليه رئاسة الحكومة عن مواصلة المتابعة الميدانية والزيارات المفاجئة وغير المفاجئة. ومنذ كان وزيرا رشحه هذا الحماس لتولى رئاسة الحكومة. ولا يمكن إنكار أن المهندس محلب كان نشيطا حاول أن يجعل كل وزراء الحكومة مثله لكنه فى النهاية كان يقوم بدور الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن والأحياء.
ومهام بعض الوزراء.. يزور المستشفيات والمحافظات والأحياء، ويتابع بنفسه عمليات النظافة والخدمات، بينما بقى عدد من الوزراء فى حالة المتفرج. عندما فاجأ محلب معهد القلب واكتشف الإهمال أبعد مدراء وأطباء وبقى وزير الصحة متفرجا. وبقيت المنشآت الطبية من مستشفيات ومراكز خارج الخدمة، ولدينا سجل واسع من الإهمال الطبى وهو أخطر وأحد أهم ملفات نجاح أى حكومة.
رئيس الحكومة ليس رئيس مدينة أو محافظا أو وزيرا لكن النجاح أن يكون كل هؤلاء يعملون ويظهر عملهم، مع ملاحظة أن خطوات الرئيس تسبق الحكومة بالكثير، خارجيا وداخليا، والأمر يستدعى وجود حكومة تخطط، ورئيس وزراء يتابع ويحاسب. ويمسك بالمفاصل الأساسية للجهاز الإدارى، ويفرض رقابة على أداء وزرائه. ومدى قدرتهم على تحقيق الأهداف.
وهنا يعود السؤال عما إذا كان الأفضل أن يكون رئيس الوزراء قادرا على التخطيط ورسم نظام للمتابعة والرقابة والتأكد من أن كل شىء يسير كما ينبغى، أم يتفرغ لزيارة الشوارع والأحياء ويقوم بدور رئيس مدينة أو رئيس حى.
وطبعا يفترض أن يكون رئيس الحكومة سياسيا قادرا على مخاطبة الشارع، ومواجهة المواقف بقرارات حاسمة. الأمر طبعا ليس سهلا ونحن طوال أربع سنوات كان الناس يرشحون شخصا نجح فى مهمة ويكتشفون أنه ليس الشخص المناسب. وليراجع الجميع أسماء عصام شرف وقنديل والببلاوى، وبقى الجنزورى استثناءً، بالرغم من الجدل حول العمر، لكنه بدا الوحيد الذى يمسك ويحسم ويتابع.
نظريا نحن أمام خبراء ومشتاقين فى كل شىء، يفهمون «الكفت»، عمليا لدينا مشكلة فى القيادات والإدارة. نظرة على مواقع التواصل والفضائيات تخبرنا عن استراتيجيين من كل الأنواع. وكلام مجانى. بينما الفعل مختلف. ونفس من قالوا التغيير، عادوا ليقولوا الانتخابات اقتربت ولم يكن هناك داع. ومن أشاروا للفساد، عادوا ليقول التوقيت. نحن على أبواب انتخابات والحكومة لن تستمر أكثر من شهور، وبالطبع هناك عوامل حاسمة.
نتحدث عن تغيير وجوه أو سياسات أو طريقة، رئيس حكومة سياسى أم تكنوقراطى، بينما الناس تريد خدمات ومرتبات وأسعار مناسبة وصحة وتعليم، ووقود ونظافة ونظام وقانون، وأمن، وانتخابات.. يعنى سياسة تدير التكنوقراط، واستراتيجية تنفذها تكتيكات. وفى هذا يمكن القول أن المهندس إبراهيم محلب كان وزيرا ناجحا، ترأس حكومة فاشلة.