لا يمكن إنكار الإخلاص والنشاط الذى تميز به المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، طوال فترة عمله منذ كان وزيرا فى حكومة الببلاوى حتى خروجه مع حكومته، الرجل لم يتوقف عن العمل لحظة. وربما لو كان فى وضع سياسى طبيعى، لكانت فرصته أكبر. لكننا نعرف أننا فى وضع سياسى واقتصادى انتقالى صعب، لا يظهر فيه الإنجاز بقدر ما تظهر الثغرات. ومحلب كان رئيس حكومة شعبى أحبه البسطاء لبساطته، وما أبداه من حماس وإخلاص.
خلال أربع سنوات ونصف، رأينا كيف سقطت هيبة الوزراء والمسؤولين، وأن هناك مسافة بين النظرى والتنفيذى وهو أمر استهلك وحرق العديد من الوجوه السياسية والتنفيذية. لم يوجد رئيس وزراء حظى بتأييد لفترة أكثر من ستة أشهر. وكل من رحل ممدوح.
كان المهندس إبراهيم محلب مجتهدا ونشيطا وشعبيا، نجحت حكومته فى حل ومواجهة أزمات مهمة كالكهرباء والأمن والطرق، والطاقة والبترول. ومشروع قناة السويس كان عملا مشتركا أساسته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. حكومة محلب نجحت فى مواجهة الإشغالات بالميادين فى وسط القاهرة، وتطوير التحرير ووسط البلد. لكن بقيت المشاكل فى الأحياء والمدن والقرى كما هى.
محلب كان يحمل نفسه مسؤولية متابعة عمل صغار المسؤولين المحليين، يزور محافظات وأحيانا أحياء لمتابعة عمل يفترض أن يتابعه محافظون ورؤساء أحياء. وحتى الوزراء فقد كان منهم من خذل رئيس الوزراء إبراهيم محلب، منها الصحة، ووزيرا التعليم أو التعليم العالى، وقضية فساد وزارة الزراعة، ثم إن رئيس الحكومة تحمل أداء ومشكلات تصريحات وزرائه، ممن خلقوا ثغرات وعجزوا عن مواجهتها، وتحمل أخطاء الوزراء مثلوا نقاط ضعف، ومعهم محافظون ورؤساء أحياء ومدن وقرى، كان محلب يحاول تغطية أدوارهم على حساب وقته كرئيس للوزراء. كل هؤلاء خذلوا محلب، وهؤلاء هم من يستمرون مع رئيس الحكومة الجديد. المحافظون ورؤساء الأحياء والمدن لا يمارسون صلاحياتهم.
ولا يمكن توقع الكثير من حكومة شريف إسماعيل، التى ربما لن تشمل تغييرا كبيرا، فهى حكومة مؤقتة، تواجه اعتذارات من مرشحين كبار، وربما يكون هذا من حظ وزراء ممن خذلوا محلب، ولم يبينوا كرامة أو إنجازا. فنحن أمام حكومة تعمل بالقطعة. والفترة الباقية قبل انتخاب مجلس نواب، الوزراء الجدد يكادون يتعرفون على حدود مهامهم، وهو أمر يصعب عملهم.
هناك ملفات عالقة تنتظر حسما أهمها إعادة هيكلة الجهاز الإدارى الذى أصبح غير مناسب ولا صالح للعصر، ويحتاج إلى ثورة كاملة تعيد للبلديات والمحليات قوتها وتتخلص من مركزية تجعل رئيس الوزراء مضطرا للقيام بعمل رئيس المدينة أو الحى. هناك حاجة لنظام جديد يكسر احتكار القاهرة، ويحول المحافظات إلى جزء من عمليات التنمية والسياسة وليس مجرد رد فعل. لأن من خذلوا محلب، يواصلون عملهم ويستمرون. طالما لا يتم تغيير الطريقة.