من قبل تحصيل حاصل، القول إن الديمقراطية تفصيل، ولا توجد نماذج جاهزة، أو شتلات يمكن زرعها فتطرح ديمقراطية. والسياسة ممارسة وتفاعل ومناورات ووجهات نظر. ولا يوجد شخص أو فصيل يمكنه أن يحكم أو يدير وحده. والانتخابات فى بلد مثل مصر تعانى من كل الأمراض السياسية والتشريعية، وهى تفاصيل لا يمكن حلها فورا، لكنها تحتاج لمزيد من المناقشة والأخذ والرد، بل إن التجارب كثيرا ما تكشف عن عيوب فى النظام الانتخابى.
فى فترة من الفترات كان السياسيون خصوصا فى الأحزاب يطالبون بأن تكون الانتخابات بالقوائم الانتخابية بديلا عن النظام الفردى، لأن النظام الفردى يفتح الباب للمال السياسى، وشراء الأصوات، والتدخل فى الإرادة، ومع هذا فإن من طالبوا بالقوائم تجاهلوا أن المال أيضا يمكن أن يلعب دورا مع القوائم مثلما مع الفردى. يضاف إلى ذلك أن التجربة الحزبية بالرغم من تعدد الأحزاب واقترابها من 100 حزب فإن أحدا لا يعرف منها عشرة أو أقل، ولا يوجد بينها حزبان أو ثلاث يمكن التعامل على أنها كبار، الأحزاب كلها فردية وشخصية تعوم فى الخلافات وتغرق فى الانشقاقات، وتتعارك قياداتها على سلطة غير موجودة.
الأحزاب لم تبذل جهدا للخروج من المكاتب أو من العاصمة أو البحث عن ظهير سياسى بين المواطنين، ولم نر حزبا سعى لبناء وعى سياسى خلال أربع سنوات. والأحزاب الكلاسيكية مثل الوفد والتجمع والناصرى تبدو كأنها سقطت مع الحزب الوطنى، والمفارقة أن الحزب الوطنى بعد سقوطه من الثورة يبدو أقوى، ويسبب خوفا للأحزاب أكثر مما كان فى السلطة، ويكشف ضعف هذه الأحزاب وتهافتها وغياب المنطق السياسى لديها.
هذه الأحزاب لم تتوقف عن إبداء المخاوف، والتهديد بالانسحاب، وهو أمر يمكن أن يكون مؤثرا لو كانت هذه الأحزاب جربت نفسها، واختبرت شعبيتها وقدراتها، لكن إذا لم يكن لها وجود على على الأرض فكيف يمكن أن تظن الانسحاب مؤثرا؟ مع ملاحظة أن الأحزاب القديمة جربت الانسحاب مرات أيام الحزب الوطنى ولم تؤثر، بينما كانت جماعة الإخوان تشارك، ولم تنسحب سوى مرة واحدة لم تكررها. وهو أمر منحها خبرات وقدرة على المنافسة، بل إن مشاركة الأحزاب فى انتخابات 2010 كان كاشفا للتلاعب وعوامل الغضب.
ثم إن الانسحاب يفترض أن يكون تكتيكا له هدف، أو استراتيجية وليس مجرد حالة من «الانقماص السياسى»، بدون تجارب ولا وجود، كيف يمكن لأحزاب لم تختبر نفسها ووجودها وشعبيتها أن تنسحب، بينما عليها أن تمارس عملا سياسيا، يقوم كله على التجربة والخبرات المتراكمة. هل ينتظر هؤلاء ديمقراطية جاهزة فى شتلات؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م حسين عمر
السياسين عندنا زرى الفنانين يتعزمو اه يدفعولا لا لا
عدد الردود 0
بواسطة:
يا نوعيه يا ألكترونيه
الكلام الكتيير هو الذى يزيد الوعى و الأنسحاب من الأنتخابات هو تعميق للديمقراطيه