المهندس إبراهيم محلب كان أسعد حالاً من رؤساء حكومات ما بعد 25 يناير، ولكنه الأسوأ فى الخروج، إثر زلزال وزير الزراعة وتوابعه المرتقبة، جاء فى وقت يسترد الأمن فيه عافيته، وبدأ الهدوء والاستقرار والتحسن الاقتصادى، وتنفيذ مشروع الثقة والأمل فى قناة السويس الجديدة، بما يعنى أنه كانت لديه أوراق قوة كبيرة، يمكن أن يستثمرها، بعكس عصام شرف الذى جاء به الميدان، ورحل دون أن يحقق شيئًا مما وعد به فى الميدان، وبعكس حازم الببلاوى الذى تولى فى مرحلة سيولة الدولة، وضعف مؤسسة الرئاسة فى ولاية عدلى منصور، علاوة على جرائم الإخوان وحشود رابعة والنهضة، والمقارنة رغم ذلك فى صالح محلب، الذى تسلح بالتفانى والحيوية والجهد الخارق، واستحق عن جدارة ثناء الرئيس وإشادته.
كتبت فى هذا المكان مقالا منذ أربعة أشهر بعنوان «محلب وجرى الوحوش»، وملخصه أن رئيس الوزراء يسرف فى الجولات الميدانية، لدرجة أنه لم يعد لديه وقت للجلوس فى مكتبه، والإشراف على متابعة وتنفيذ الخطط الاستراتيجية للدولة، كقائد الأوركسترا الذى يحرك العازفين، دون أن يكون عازفا أو جالسا على آلة بعينها، وكان فى ذهنى تجربة الساحر المرحوم عاطف صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، الذى نفذ سياسات الإصلاح الاقتصادى، بسلاسة وهدوء، مع التسليم بأن ظروف محلب كانت أصعب بكثير جدا من صدقى، ولكن الأخير كانت له رؤية شاملة وليست جزئية، ولم يعمل غير وظيفة واحدة هى رئيس الوزراء.
انشغال محلب فى الزيارات الميدانية بالليل والنهار، لم يترك له فرصة لمراقبة أهل بيته «أعضاء حكومته»، الذين عملوا بحق بطريقة «الجزر المنعزلة»، وفهموا خطأً أن «ورنيش» وسائل الإعلام يضفى بريقا ولمعانا على التراخى والفشل، ونسوا أن التطبيع مع الفساد حبل التف حول رقبة السابقين وينذر اللاحقين، وأن العهد الحالى يرسخ أوراق اعتماده بالنزاهة والشفافية والمشى على الصراط المستقيم، ولم يشفع لحكومة محلب إخلاصه ووطنيته وتفانيه، وأفسدت خيوط العنكبوت الناعمة التى انكشف بعضها فى وزارة الزراعة، نهاية تجربة الرجل الطيب إبراهيم محلب.
عدد الردود 0
بواسطة:
الدمنهوري
الشئون الإدارية