تواصل إسرائيل الهجوم على المسجد الأقصى، ويواصل العرب الصمت، تفعل كل أنواع الجرائم التى تحرمها الشرائع والمواثيق الدولية، ولا يستطيع أحد فرض شىء عليها.
كل ما يفعله العرب هو إصدار بيانات الإدانة، بيانات لا تساوى الحبر الذى كتبت به، ولأن إسرائيل تعودت على أن ذلك ليس أكثر من ظاهرة صوتية تواصل عربدتها وهمجيتها، ومنذ أربعة أيام وقوات الاحتلال الإسرائيلى تحاول اقتحام المسجد الأقصى، ويتصدى «المرابطون» الفلسطينيون بالحجارة.
يقاوم الفلسطينيون ببسالة معهودة، بينما يعجز العرب عن تحريك الموقف ضد إسرائيل، وإذا كان هذا هو حال القادة العرب المكبلين بقيود المعاهدات، فلماذا امتد هذا الحال إلى الشعوب؟، لماذا امتد إلى القوى السياسية؟، فلا مظاهرة واحدة قامت فى عاصمة عربية، ولا توجد مؤشرات نتوقع منها أن ذلك سيحدث.
مأساتنا العربية منذ سنوات تتمثل فى أن تحديد أعدائنا لم يعد متفقا عليه، فإسرائيل تحولت من عدو إلى حبيب، وأصبح صراعنا معها مجرد خلاف على تفاصيل فى مسار العلاقات معها، هى منذ تأسيسها عام 1948 باحتلال فلسطين لم تكن تحلم بذلك أبدا، لم تكن تتوقع أنه سيأتى اليوم الذى تتحول فيه فى نظر العرب إلى دولة لها سفارات وأعلام بنجمة داود السداسية ترفرف عليها فى عواصم عربية، لم تكن تتوقع أن يكون لها علاقات اقتصادية وسياسية طبيعية مع الدول العربية.
ما يحدث فى القدس والمسجد الأقصى حاليا هو انعكاس طبيعى وحصاد لكل مسارات السلام العقيمة التى تربط إسرائيل بالدول العربية، فلا هى مسارات أعادت فلسطين، ولا هى مسارات صنعت نهضة عربية، ولا هى مسارات صنعت تنمية اقتصادية حقيقية، ولا هى مسارات حققت تماسكا وحفاظا للأمن القومى العربى.
ترى إسرائيل الآن كل ما يحلو لها فى المنطقة العربية، فالانكفاء داخل الحدود أصبح هو حال كل دولة عربية، وليت الحال بقى عند هذا الحد، وإنما انفجرت الأوضاع الداخلية لتتحول إلى مأساة كبيرة كما نرى الآن فى سوريا وليبيا والعراق واليمن.
لم تعد القضية الفلسطينية ملهمة كما كانت فى الماضى، أصبح ما يحدث بشأنها مجرد خبر عادى فى وسائل الإعلام، فتحقق لإسرائيل أعظم المكاسب، فبقاء القضية فى بؤرة الاهتمام الشعبى كان تحديا كبيرا لها.