حين وقف الرئيس المعزول محمد مرسى بين أنصاره فى استاد القاهرة عام 2013 معلنا قطع العلاقات مع سوريا، ومشجعا على فتح باب التطوع للذهاب إلى دمشق للانضمام إلى صفوف الجماعات الإرهابية التى تقاتل الجيش العربى السورى، لم يفعل ذلك من باب الدفاع عن الأمن القومى المصرى، ولا للوقوف إلى جوار الشعب السورى، والحفاظ على وحدة سوريا ودولتها، وإنما فعلها للثأر من النظام السورى الذى دخل فى معركة دامية ضد جماعة الإخوان فى حمص وحماة عام 1981.
واللافت أن خطوة مرسى، كانت تنفيذا لرغبة أمريكا وإسرائيل وتركيا وقطر والأطراف العربية الأخرى التى رفعت ومازالت ترفع شعار «رحيل الأسد»، بينما تقدم كل التسهيلات لدخول الإرهابيين من مختلف دول العالم إلى سوريا، أى أن القصة كلها لا علاقة لها بحقوق الإنسان، ولا بديمقراطية يستحقها الشعب السورى العظيم، وإنما هى تنفيذ لأجندة ترتيبات إقليمية للمنطقة تخدم فى النهاية أطماع إسرائيل.
أقول ذلك بمناسبة كلام الرئيس السورى بشار الأسد فى وسائل الإعلام الروسية أمس الأول حول العلاقات السورية المصرية، قال بشار فيما يشبه الإزاحة عن أسرار: «عندما كان رئيس مصر هو محمد مرسى الذى ينتمى لمجموعة الإخوان المسلمين الإرهابية، أصرت المؤسسات المصرية على إبقاء شىء من هذه العلاقة أولا لوعى الشعب المصرى لما يحصل فى سوريا، وثانيا، لأن المعركة التى نخوضها عمليا هى ضد عدو واحد».
لا يحتاج كلام «بشار» إلى صعوبة فى فهم طبيعة هذه المؤسسات التى أصرت على إبقاء شىء من العلاقة مع سوريا، فهى مؤسسات أمنية وطنية لديها ثوابت تعمل بها بصرف النظر عن تغيير الأنظمة السياسية، والدليل أنه لم يعنيها مثلا موقف «مرسى» وجماعته نحو سوريا، وتعاملت مع مقتضيات الحفاظ على الأمن القومى المصرى الذى لا ينفصل أبدا عن الأمن القومى العربى، وهو نفس المسار الذى يتواصل الآن، فطبقا لما قاله «بشار»: «هناك الآن رؤية مشتركة بيننا، لكن العلاقة الآن على المستوى الأمنى، لا توجد علاقة سياسية، أى لا يوجد تواصل بين وزارة الخارجية السورية ووزارة الخارجية المصرية على سبيل المثال، التواصل على المستوى الأمنى فقط، وأضاف: «نأخذ بعين الاعتبار الضغوط التى يمكن أن تترتب على مصر أو على سوريا من أجل أن لا تكون هناك علاقة قوية».