من الواجب أن أكتب فى هذه المساحة تحية لوزارة التعليم ومسؤوليها الذين تعرضوا لظلم كبير وشائعات واتهامات كثيرة فى قضية الطالبة مريم، حتى فصل خبراء الطب الشرعى الذين فحصوا كراسات إجابة الطالبة وأخذوا أكثر من خمسة عينات من خطها للمقارنة والتوصل إلى حكم عادل فى هذه القضية الملغزة التى شغلت الرأى العام وأثارت الكثير من الجدل.
أنا نفسى كنت واحدا من المتعاطفين مع الطالبة مريم، لأنى لم أكن أتصور بحسب المنطق الصورى أن طالبة متفوقة فى سنين سابقة تتعثر فجأة وبالمصادفة لدرجة أنها لا تجيب عن أى سؤال فى الامتحانات لتحصل على صفر واضح وصريح، وتصورت أن هناك خطأ ما ربما يكون متعمدا أو غير متعمد، ربما يكون هناك شبهة تلاعب، وكتبت مقالا بعنوان «وزير التعليم وفن المكابرة»، ألقيت عليه وعلى مساعديه باللوم واتهمتهم بالعناد، وهو ما ثبت خطؤه بعد قرار خبراء الطب الشرعى، وهو ما يستوجب الاعتراف منى بأننى كنت مخطئا فى تصورى المنطقى للأمور ومتجنيا على وزير التعليم ومساعديه، ولا أجد غضاضة مطلقا أن أعتذر له ولمساعديه وأقول لهم «حقكوا عليا، أنا كنت غلطان».
لكن يبقى شىء مهم، فى هذه الواقعة شغلنى كثيرا بعد قرار خبراء الطب الشرعى الذى أنصف وزير التعليم ومساعديه، لماذا يتجه الناس لتصديق أى شائعة أو خبر ينال من الحكومة أو يسىء لوزير بها؟ ولماذا لا يصدقون أنها بها وزراء يعملون بإتقان ليل نهار لإحداث الفارق؟ الناس كما ألاحظ من التعليقات لا تريد أن تغلق هذه القضايا الخلافية التى حسمها خبراء الطب الشرعى وهم جهة قضائية، لأنهم يريدون تصديق أى شىء س يخص الحكومة بدلا من الالتفاف حولها ومساعدتها على أداء عملها بالشكل اللائق، ومراقبة أداء الوزراء أيضا.
هناك شىء ما خاطئ فى العلاقة بين السلطة الحاكمة والناس، هذه الفجوة بين الجانبين ربما بسبب حملات الشائعات والحرب الخفية التى تقودها اللجان الإلكترونية على اختلاف توجهاتها لهز ثقة الناس وكسر تفاؤلهم بالمستقبل ومنع احتشادهم وراء الحكومة والقيادة السياسية، وهو مؤشر خطير لابد له من حل سريع، من خلال أداء سياسى حاسم فى مواجهة الفساد والإهمال وأداء إعلامى مبدع قادر على تأليف القلوب وإقناع العقول وصد الهجمات الخبيئة للمغرضين والموتورين.