بعيدًا عن الفساد فى وزارة الزراعة، وبعيدًا عن متاهة تشكيل الوزارة، دعنى- صديقى القارئ- أحدثك عن بعض مظاهر الفساد فى كرة القدم، يا الله، كرة القدم، ذلك الجمال الذى تبدعه فكرة شديدة الإنسانية تقول: اللعب من أجل اللعب هو المتعة الحقيقية، ذلك اللعب الذى يحتفظ دائمًا بالطفولة الإنسانية الجميلة، حالة اللعب نفسها التى تجدد الحياة للبشر فيعودون للعمل، وبناء الحياة، فى إقبال على الحياة فى حبور، وكرة القدم هى سيدة الفرحة، وتاج المتعة فى الرياضة، وذلك قبل أن يحولها إلى حالة من حالات السمسرة سماسرة التوكيلات، وغيلان الإعلانات، وأصحاب مصانع الأحذية، وملابس تحمل ماركات باهظة الثمن.. كرة القدم التى كانت تعطى لاعب الكرة الشاب متعة الطفل البرىء الذى يلعب بالبالون دون أن ينتظر ثمن الفيلا الجديدة، والسيارة الفاخرة، وبطاقة السفر فى الدرجة الأولى فى الطائرة إلى شاطئ الريفيرا ليقضى إجازة الصيف.. كرة القدم التى كانت تعطى لاعب الكرة الشاب متعة القط السيامى الجميل الذى يلعب بكرة الخيوط الصوفية، تعطيه المتعة دون أن يكسر ركبة منافسه فى اللعب، أو حتى يكسر الفقرات فى عنقه، أو يكسر ساقه بمقص يصنعه له من ساقيه، أليس جميلًا- صديقى القارئ- أنك كنت ترى «عادل هيكل» يقفز فى الهواء ليصد الكرة راقصًا كما لو كان هو «محمود رضا»، راقص الفنون الشعبية فى فيلم «أجازة نصف السنة»؟ وأن ترى «سمير محمد على» كما لو كان هو «الرجل الكاوتشوك» فى السيرك القومى يمتع الأطفال والكبار بانحناءات ومرونة جسده الذى يطاوعه فى جميع الأحوال، أو أن ترى «أحمد شوبير» فى كأس العالم فى رشاقة راقص الباليه على خشبة مسرح الأوبرا، يا له من جمال أن ترى لاعب الكرة الفقير الذى أتى من الحى الشعبى أو العشوائيات وهو يركب أفخر السيارات، ويسكن فى فيلا بها حمام سباحة، وتقول ابنته لزملائها فى المدرسة إن «دادى» أحضر لها الشيكولاتة من سويسرا حيث يلعب محترفًا فى النادى السويسرى، وكل ذلك لأنه يمتعنا بمجهوده الخارق ومهارته الرائعة.. كرة القدم التى تقدم لنا المتعة بالرشاقة، وجهد اللاعبين الشباب وعرقهم الذى يروى النجيلة الخضراء فتزداد اخضرارًا ونعومة بفضل عرقهم، يا لجمال كرة القدم التى هى فى الأصل تطرد القبح من النفس البشرية، لكن هنا- فى مصر- بعض هذا القبح يفسد كرة القدم، أليس من القبح أن يخرج أحد المسؤولين فى أحد الأندية يسب أم رئيس نادٍ منافس، لأن جماهير النادى المنافس سبته بأمه؟، فيما لا يعترض أحد، لا على الجمهور الذى سب المسؤول، ولا على المسؤول الذى سب أم رئيس النادى المنافس، أليس من القبح أن يخرج أحدهم ويتهم رئيس لجنة التحكيم فى اتحاد الكرة بأنه «قبض» الأموال من دولة معادية للوطن؟، وأليس من القبح ألا يرد رئيس لجنة الحكام على هذا الاتهام البغيض، بل يخرج على الفضائيات بصوته منكسرًا «ليهرتل» بكلمات لا معنى لها، لكنها أشبه بالاعتذار لمن اتهمه بقبض الأموال من الدولة المعادية للوطن؟، مع العلم أن رئيس لجنة الحكام نفسه هو الذى هدد عضو مجلس إدارة أكبر نادٍ فى أفريقيا بتحويله للتحقيق، وإيقافه عن العمل فى ناديه لأنه كتب «تويتاية» تنتقد بحق لجنة الحكام حتى دون ذكر لاسم رئيس لجنة الحكام المتهم بقبض الأموال من الدولة المعادية للوطن، أليس من القبح أن يكسر لاعب ساق لاعب فى الفريق المنافس بدعوى تعطيله عن إحراز هدف؟، ألم يكن يمكنه تعطيله فقط بـ«فاول»، مجرد «فاول» بسيط مسموح به فى قانون لعبة كرة القدم ليعطله فقط دون أن يصيبه بالرباط الصليبى، أو قطع فى وتر «أكيليس»؟، أليس من القبح أن يكسر اللاعبون فى الفرق المنافسة أكثر من ثلثى لاعبى فريق واحد حتى لا يجد «كوتش» هذا الفريق لاعبين يكمل بهم القائمة فى مباريات المنافسات الأفريقية والمحلية؟.. نعم- صديقى القارئ- أعرف أنك سوف تتفق معى أن بعض القبح يفسد لعبة كرة القدم فى مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة