قولًا واحدًا، ندين مقتل السائحين المكسيكيين، وأى ضيف يحل على أرض الكنانة قاصدًا التمتع بمشاهدة الكنوز الأثرية، وشموخ الحضارة المصرية، والمناظر الخلابة للشواطئ والجبال، أو جاء لاجئًا، أو لأى سبب، ما عدا الحاملين للشر والمخططات التآمرية.
وما حدث للسائحين المكسيكيين، وبعيدًا عن الفكر التآمرى، فإن هناك خطأ اعترفت به الحكومة المصرية بشجاعة كبيرة تعبر عن أن هناك عهدًا جديدًا للمكاشفة، وسرعة الاعتراف بالخطأ، والاعتذار عنه، وهو ما يكسبها احترامًا ومصداقية.
الحكومة المكسيكية، ممثلة فى رأس السلطة، تفهمت ملابسات الحادث وظروفه، وأرسلت وزيرة الخارجية لمتابعة الحادث عن كثب، ووجدت تعاونًا جيدًا من الحكومة المصرية رغم استقالتها، وتذليل جميع العقبات لسفر المصابين، ونقل الجثث لبلادهم.
المثير للاشمئزاز، والقرف، والحنق، والسخط، أنه فى الوقت الذى تفهمت فيه الحكومة المكسيكية ملابسات الحادث، وجدنا نشطاء وأدعياء الثورية، وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وبعض الإعلاميين المتلونين والمنقلبين يهاجمون النظام والحكومة ويوجهون لهما سيلًا من الاتهامات الخطيرة، أبرزها اتهام القتل مع سبق الإصرار والترصد، وأصبحت «ميكسيكو سيتى» عندهم أهم بكثير من «القاهرة».
ثم بدأوا يرددون نغمة «نشاز» أن السياحة «إضربت» وكأن السياحة طوال السنوات الأربع ماضية «فى العلالى بتلالى» فى السماء، وعدم الاعتراف بأن السبب الرئيسى لتدمير القطاع السياحى بجانب معظم القطاعات الاقتصادية ثورة 25 يناير 2011، وهى حقيقة دامغة دون مواربة أو خداع أو خوف.
كما دمرت جماعة الإخوان الإرهابية البقية الباقية، بعدما نثروا الإرهاب فى سيناء، وعدد من المحافظات، واستهدفوا السائحين فى طابا، ومعبد الكرنك، وغيرها من الحوادث الإرهابية التى دفعت المقصد السياحى المصرى إلى التراجع المخيف.
فعلًا «المعفن لا يشم رائحته» وكم من «المتعفنين» الذين يتصدرون المشهد العام فى جميع المجالات، وينصبون أنفسهم أوصياء، ويُسخّرون كراهيتهم الشديدة للنظام فى تشويه صورته، وتأليب الخارج ضد البلاد، واستدعائه للتدخل فى الشأن الداخلى، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عن الفائدة التى سيجنونها من تقديم بلادهم على طبق من فضة للأعداء، مثلهم مثل أحمد الجلبى الذى قدم العراق لأمريكا؟
لم نر هؤلاء، ولم نسمع لهم صوتًا اعتراضًا أو سخطًا عندما قُتل دبلوماسى مصرى، كان يعمل سكرتيرًا ثانيًا بالسفارة المصرية فى المكسيك عام 1998 فى أثناء استقلاله سيارته وبرفقته زوجته ووالداه، حيث خرج عليهم مسلحون وأطلقوا وابلًا من الرصاص، وقُتل فى الحادث، وكان رد الحكومة المكسيكية حينها نصًا: «إنه تواجد فى مكان خطأ فى الوقت الخطأ»، وتفهمت الحكومة المصرية الموقف.
وفى حادث السائحين المكسيكيين، أيضًا كانوا فى المكان الخطأ، وفى التوقيت الخطأ، فالمنطقة محظور السير فيها، وشهدت قبل الحادث بساعات معركة ضارية بين الأمن والإرهابيين، وتمكنت القوات من قتل 8 إرهابيين من بينهم المتهم بتفجير موكب النائب العام هشام بركات، وأيضًا خاطف السائح الكرواتى.
وتفهمت الحكومة المكسيكية الموقف، مثلما تفهمت القاهرة نفس تبرير حادث مقتل الدبلوماسى المصرى.
لكنّ الخونة الذين يسكنون أحشاء هذا الوطن، والعاقين الذين ينكرون خير مصر عليهم، أرادوها نارًا، يسكبون عليها البنزين لزيادة اشتعالها، وإحداث أزمة دبلوماسية بين البلدين، ولكن القيادتين فى مصر والمكسيك فوتتا الفرصة على الخونة والعاقين من المنتسبين اسمًا لهذا الوطن.
دندراوى الهوارى
مقتل دبلوماسى مصرى بالمكسيك بطريقة مقتل السائحين المكسيكيين
الأحد، 20 سبتمبر 2015 12:10 م