الدكتور محمد البرادعى حزين على بلده من العاصمة النمساوية فيينا، الدكتور كتب تغريدة جديدة بعد صمت أيام عن التغريد، كل ما قاله فيها «حزين عليكى يا بلدى»، وكالعادة، يتصور «البوب»، أن وكالات الأنباء ستنقل تغريدته وتعقب عليها بآراء من الخبراء السياسيين والمحللين الاستراتيجيين، وأن الإذاعات العالمية يمكن أن تحولها إلى مقدمات موسيقية لبرامجها ونشراتها الإخبارية، وأن جماهيره العريضة فى بلده مصر، ستتلقف كلماته الثلاثة، وتستلهمها فى تحركاتها حتى تزيل الحزن عن كاهل البوب وتعيده إلى الفرح والابتسام من جديد.
عزيزى البوب، أنا أقدر الفراغ الذى تعانى منه بعد تاريخك الطويل فى خدمة المجتمع الدولى، وأقدر أن المحاضرات التى تلقيها فى أوروبا لم تعد تشغل الحيز الأكبر من وقتك، ليس لعيب فيك طبعا وإنما لعيب فى ذاكرة المجتمع الدولى الذى لا يقدر رموزه وأبناءه المخلصين، فما دخل بلدك الأصلى فى الموضوع؟ المفترض أنك تحزن على تجاهل الإدارة الأمريكية، تحزن على تجاهل الاتحاد الأوروبى، لكن تحزن من أجل بلدك الأصلى الذى تركته منذ خمسين عاما ثم تركته فى أصعب أوقاته واستقلت من منصبك كنائب لرئيس الجمهورية، ده نسميه إيه؟ حنين فارغ مثلا؟ ضحك على الدقون؟
يا دكتور، أنت مواطن عالمى، كنت مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقمت بدور كبير فى نزع أسلحة العراق النووية والكيماوية، وبعدين اكتشفت إن العراقيين لم يمتلكوا أى سلاح نووى بعد الحصار والحرب والتدمير، وأنت الحاصل على نوبل للسلام عام 2005 على جهودك أنت والوكالة التى تديرها فى الحد من انتشار السلاح النووى، وأنت الذى نزلت مصر لتقود الربيع العربى ضد مبارك، ثم تركت مصر وهربت كالعادة، وعندما سألناك عملت لبلدك إيه قلت: أسست لكم حزب الدستور، يبقى إزاى تحزن وإنت عملت اللى عليك وزيادة؟
يا بوب، حتى الحزب اللى أنت أسسته فى مصر عشان يبقى فيها حاجة من ريحتك، وأنت تتأمل فى ليالى فيينا، تعصف به الأهواء والأهوال، نعم الأهواء والأهوال، ويتعرض للتفريغ والانقسامات والتفتيت، ألست حزينا يا رجل على حزبك الذى أسسته وأردت أن يكون نموذجا للأحزاب الليبرالية فى أوروبا والبلاد المتقدمة؟ طيب ما تيجى يا بوب وتبدأ خطة الإنقاذ وتحويل الحزن إلى فرحة من حزب الدستور نفسه. تعالى يا دكتور لبلدك الأصلى وحزبك الأصلى، وعلى رأى المثل «دع الحزن وتطلع إلى الأمام، فيينا مش دايمة».