كنا نظن أننا تخلصنا من أمراض المتطرفين الذين تركوا كل مهم وكبير فى مصر، وتفرغوا لتدشين حلقات تليفزيونية وفتاوى دينية لا ترى فى المرأة المصرية سوى قطعة لحم وجب تغطيتها، كنا نظن أننا فرغنا من تلك الحواديت البائسة عن الرجال الذين يريدون فرض الوصاية على المراة، ويملأون هواء برامجهم أو فراغهم السياسيى بأحاديث عن ملابس المرأة، وما يجب أن ترتديه فى الشارع، وما يجب أن ترتديه فى المسجد وما يجب أن ترتديه فى المظاهرات، وما يجب أن ترتديه أمام الرئيس، ولكننا للأسف انتقلنا من وصاية متطرفى الدين، إلى وصاية متطرفى الإعلام، هؤلاء الذين يذهبون إلى أقصى مدى من السذاجة والتطرف للإيحاء بأنهم خائفون على صورة الرئيس، أو تحت ظلال وهم بأنهم يجيدون قراءة ما بداخل عين الرئيس، مثلما فعل مقدم برنامج شهير وترك كل مشاكل مصر، وترك كل الملفات المعلقة فى رقبة حكومة شريف إسماعيل وخصص وقته وأهدر وقت المصريين فى تتبع مقاس «كم» فستان السيدة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج ولونه «وطبيعة النقوش التى تزينه»، ولم يتوقف عند التدخل الفج هذا، بل تجاوز وقال إنه قرأ فى عين الرئيس عدم الرضا على ملابس الوزيرة، ثم قام بالتجويد أكثر وأكثر وأخذ يحدد للمرأة المصرية ما يجوز أن ترتديه وما لا يجوز أن ترتديه.
لم يختلف ما فعله الإعلامى الشهير عما يفعله شيوخ الإخوان والجماعات المتطرفة بنظرتهم القاصرة للمرأة على أنها كيان خاضع يجوز للرجال بأن يحددوا معايير زيها وخطوتها وطريقتها فى الكلام، ومثله مثل كل الشيوخ المتطرفين لم يفهم السيد المذيع الشهير، ومن معه ممن استهواهم فتح الصفحات والبرامج لانتقاد فستان الوزيرة أن نساء مصر هن الصابرات على افتراءات المتطرفين والمتفذلكين والأوصياء والمتحرشين، وأخيرا السادة المذيعين.
انتقاد فستان الوزير من قبل بعض المذيعين والإعلاميين أمر له دلالة تتعلق برؤية هؤلاء للمرأة، هم مقتنعون بأنها درجة ثانية، كائن لابد أن يكون دوما تحت الوصاية، «بروج» للتزيين، تزيين المنازل والقصور والحكومات والشاشات، ولذا تجرأوا على ترك مؤهلاتها وأفكارها وجعلوا كل تركيزهم على ملابسها.
هؤلاء لا يقرأون ولا يعرفون أن المرأة أكبر من أن ينظر لها مذيع أو سياسى على أنها قطعة «حشو» داخل فستان مصنوع بمعايير محددة سلفا، المرأة فى الماضى كانت تجد من العقول المفكرة كل تقدير حتى إن الشيخ السيخاوى فى كتابة «الضوء اللامع»، يؤكد أن كثيرا من فقهاء عصر المماليك سمعوا من بعض السيدات الشهيرات اللائى أجازت لهم. وتزاحم طلبة العلم على أنس بنت عبدالكريم، وضمن فى كتابه هذا جزءاً كاملاً فيه ما يزيد على الألف ترجمة «سيرة ذاتية» لنساء عشن فى القرن التاسع الهجرى، وأخذ عنهن الفقهاء والعلماء الرجال العلم، السخاوى نفسه أخذ العلم عن السيدة موز ابنة ست الركاب بنت محمد بن حجر العسقلانى، فهل يعلم السادة المهتمون بمقاس «كم» فستان الوزيرة أن سيدة واحدة من نساء هذا الشعب قادرة على تعليمهم ما فشل الزمن فى فعله، والرد الذى صرحت به وزيرة الهجرة على كل الانتقادات، أعتقد أنه كافيا، لأن يعلمهم أن خروج الكلمات للهواء دون المرور على ميزان العقل والحق أفضل لمصر كثيرا من الردح.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رامى
افكار متخلفة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed_egipto@hotmail.com
مصرى
معاك حق يامحمد ...ربنا يرحمنا من هؤلاء المتخلفين