لم يعد منصب الوزير أو المسؤول التنفيذى مثل السابق، لأسباب كثيرة بعضها يعتبر ميزات، والبعض الآخر يرتبط بطبيعة مرحلة سقطت فيها الكثير من الهيبات، وربما تكون طريقا، لأن يصبح المنصب التنفيذى عاديا بلا ميزات. خلال أربع سنوات ونصف، لم يكن من السهل على المواطن العادى أن يتذكر أسماء أكثر من أربعة أو خمسة وزراء بما فيهم رئيس الوزراء، وعادة يكون المشهورون وزراء الداخلية والتموين، وربما الصحة والتعليم بحكم الاحتكاك والتعامل مع قضايا تمس المواطنين.
أيام الحزب الوطنى ومبارك كان بعض الوزراء اشتهروا لأن بعضهم تجاوز ربع القرن فى منصبه، وعرفنا وزراء مثل ماهر أباظة وسليمان متولى، ويوسف والى وصفوت الشريف، وبعضهم ترك وزارة الإعلام لينتقل إلى مجلس الشورى، سياسيا كان هناك فتحى سرور وكمال الشاذلى، قبل أن يظهر الحرس الجديد، كانوا قد قضوا عقودا فى السياسة بعضهم تجاوز الأربعين عاما، وعلى العكس بعد يناير لم تستمر عام، وربما أقل وأصبح المسؤول تحت المجهر. لم تعد لديه الهيبة السابقة للمناصب والمواقع، ويمكن لأى شخص أن يلتقط حديثا أو تصريحا خاطئا ليسلخ هذا المسؤول أو ذاك، وهذا بالحق أو الباطل.
والحقيقة أن هيبة المسؤولين تراجعت قبل يناير فى السنوات الأخيرة لمبارك والحزب الوطنى كانت هناك جرأة فى مهاجمة الحزب الوطنى والمسؤولين ومبارك نفسه. كما أن نقل جلسات مجلس الشعب كانت مناسبة لوقوع مناوشات ومشاجرات. كانت الكاميرات تنقلها، ولعبت مواقع التواصل دورا فى هذا الأمر، بعضه كان إيجابيا فى التقاط أخطاء أو مقولات وبعضه كان مجرد مبالغة فى السخرية والشتيمة.
اللافت فى هذا أن السنوات الأخيرة كان الوزراء أحيانا أهدافا سهلة فى التجمعات أو الأماكن العامة. وبعض الشخصيات التى عرف عنها أنها معارضة أو ذات مواقف حدية واجهت بعد تولى المناصب مواقف تبدو امتدادا لإسقاط الهيبة. وكما قلنا فإن السياسى فى المعارضة يكون حرا فى طرح الآراء، بينما وهو مسؤول يصبح فى مرمى الانتقاد، ورأينا أسماء مثل الدكتور حسام عيسى أو كمال أبو عيطة وكلاهما كان معارضا تولى منصبا وزاريا فى وقت ما واجه تحديات مختلفة، بل وتعرضا لهجوم وانتقاد ساخن، وأحيانا تجاوزات من بعض المختلفين معهما، وساعتها يكون المسؤول فى موقف مختلف.
لكن يبدو كل هذا نتاجا لفترة انتقالية يحتل فيها الفراغ سياسى مساحة، حيث لا حواجز بين الشجاعة والتجاوز، وبين الانتقاد والتطاول، ولا بين المعارضة والنميمة، التوك شو والردح.
يمكن مع الوقت أن يتم تنظيمها، ليصبح الوزير شخصاً عادياً قابلاً للنقد وليس مسؤولاً مزمناً، وأن يتم النقد بالمناقشة وليس بالردح.