جاء فى الأثر أن الإمام الفقيه أحمد بن حنبل كان فى زيارة لإحدى المدن ليلقى خطبة، وبعد أن انتهى من العمل الكبير الذى جاء من أجله واستعد للسفر فاجأه المطر، وحيث إنه كان غريبًا لم يكن أمامة إلا أن ينام فى مكان ما على الطريق حتى يأتى الصباح، ولكنه فوجئ بخباز بسيط الحال من نفس المدينة يتقدم لينقذ رجلا من المسلمين من المطر والبرد، حيث إنه لم يكن يعرف الإمام شخصيا فشكره الإمام على كرمه، ولكن الخباز أصر على عرضه، وبعد بعض الحوار وافق الإمام وقبل طلب الخباز. ذهب الإمام مع الخباز إلى منزله البسيط، قام الخباز بإعداد العشاء، وكان العشاء بسيطا، ولكنه كان كافيًا لهما معا.
بعد العشاء والصلاة نام الاثنان فى غرفتين متجاورتين، وكعادة الإمام لم ينم مباشره حتى يتمكن من التهجد ولو قليلا، حيث إنه ضيف على هذا الخباز الطيب الكريم، وأثناء جلوس الإمام للتسبيح سمع الخباز يقول «سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم»، وفى الصباح قال الإمام للخباز سمعتك أمس تسبح وتقول «سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم» طوال الليل ألا تعر ف غيرها لتسبح بها؟ فقال الخباز للإمام «ولكنى أسبح بها منذ عشرين عامًا ولم أطلب من الله طلبا إلا أعطانى إياه»، فقال الإمام «الحمد لله هذا كرم من الله سبحانه وتعالى»، فقال الخباز: «ولكنى طلبت من الله أن أرى الإمام أحمد بن حنبل، وأتشرف بالسلام عليه، ولكن الله لم يستجب لى»، اندهش الإمام أحمد بن حنبل، وقال للخباز: «أنا أحمد بن حنبل يقف أمامك»، اندهش الخباز ولكنه بكى من الفرح وحمد الله على نعمه التى لا تنتهى، وفعل الإمام أحمد بن حنبل نفس الشىء حامدًا رب الوجود على كرمه مع عباده.