كان من الممكن أن تنتهى مباراة الأهلى والزمالك بفوز الزمالك وحصوله على الكأس، ويفرح جمهور الزمالك ويحزن جمهور الأهلى ثم يستعدوا لمواسم أخرى، لولا أن الأمر لم يعد مجرد رياضة، وإنما حرب فيها الكثير من العنف والتطرف والشتائم والتريقة المهينة.
لم يعد الأمر منافسة رياضية وإنما حرب مثل كل شىء ومن سنوات يتساءل الناس: أين ذهبت الروح الرياضية؟ ويتواصل البحث عن الفرق بين المنافسة والحرب، طبعا الكورة لم تعد مجرد فرق تلعب، وإنما احتراف وتجارة لعيبة وبيزنس كبير فيه شركات ورعاة، وآلاف الكاميرات والبرامج كل منها يريد أن ينفرد بأكثر الشتائم تأثيرا، وأغرب المواقف، لم يعد الأمر مجرد «كلكتين» وتعليقين وشوية مناقشات يغيظ فيها الأهلاوية الزمالكوية ليخففوا من صدمة الخسارة عليهم، أو يفرح الزمالكاوية وهم يؤكدون تميزهم.
الفرق سنوات من الشحن والخوف والتخويف، والفرق بين ما كان يسمى «جمهور» وما أصبح يسمى «ألتراس»، الروابط الغامضة التى ترفع شعارات الانتقام أكثر مما ترفع شعارات التشجيع، وتتبادل السب العلنى فى المدرجات، وحتى بعد المباراة يرفض عبد الصادق مصافحة منصور، فيشن الأخير هجوما يدافع فيه عن نفسه ويرد الإهانة، ولا تعرف كيف يمكن لمسؤول رياضى فى نادٍ كبير أن يتصرف بهذا الأسلوب أمام مسؤولين وأمام جمهور كان ينتظر من الكبار أن يكونوا أكثر شعورا بالمسؤولية.
وطبعا حتى تشعر الفضائيات بالمتعة عليها أن تجد النقاط الساخنة، وتدفع لمزيد من التسخين والشتائم التى يمكنها أن تشعل البرامج وتغرى بالمشاهدة والإعلان، ومعها ملايين الحسابات على فيس بوك وتويتر تبث المزيد من الكراهية، التى تقتل أى روح رياضية أو روح إنسانية.
ماتش يتحول إلى حرب بكل معانى الكلمة، شتائم واتهامات ومواقف من هنا وهناك لا تعرف إن كانت السياسة هى التى أصابت الرياضة بالعدوى أم أن الرياضة هى التى أصابتها بالتعصب المتطرف، لكن ما نعرفه أن الأمر ليس وليد اليوم، ولكنه منذ سنوات، ومنذ سقط قتلى فى المدرجات ببورسعيد والقاهرة، وسوف نفك ألغاز كل هذا عندما نعرف ونعترف بأن فيروس الكراهية غزا الملاعب بأكثر مما تواجد فى السياسة.
الكاميرات والبرامج والإعلام الرياضى يتغذون على الدم، وعلى نشر الكراهية، وليس على المنافسة، مثلما كانت الأساطير تحكى عن طواحين و«سواقى» لا تعمل إلا بالدم، كانت أساطير لكن لدينا سواقى الإعلام تتغذى على التعصب والتطرف والكراهية، بعد طلوع الروح الرياضية.