فقدت مصر والعالم العربى مبدعا كبيرا ومثقفا رفيع المستوى.. كان «على سالم» مقاتلا بالكلمة والقلم، وعاش شجاعا قبل أن يموت فارسا.. عانى ظلما فادحا من أقرانه، وتجرأ عليه أنصاف وأرباع الموهوبين.. بل قل إن عديمى الموهبة نهشوا سيرته فى حياته، وآثر هو المواجهة كلما وجد الفرصة.. وفرضوا عليه الصمت بإبعاده عن نوافذ التعبير عن رأيه.. حاربوه بالشعارات الجوفاء والمواقف الرخيصة.. وكم كان صعبا عليه حياته وسط هذا الركام من الادعاءات وبقايا الجهل والتخلف اللذين نذر نفسه لمواجهتهما قدر ما استطاع.
عرفت «على سالم» الإنسان قدر علمى بقيمته ومحاولتى استيعاب إبداعه متكلما وكاتبا ومبدعا.. كان أمينا مع نفسه ومجتمعه، مخلصا لفكره ووطنه.. أحب الدنيا فأعطته ذلك الحصار الذى فرضوه عليه، لم يخش الموت يوما فرحل نبيلا وترك تراثه الذى أعتقد أنه سيحرق كل من تآمروا عليه.. اختلفت معه وكنت أستمتع بالحوار حول كل ما نختلف عليه.. حاولت إقناعه بالتهدئة لأن خصومه لا يعرفون للشرف معنى.. فكان يرد بابتسامة وإشعال نيران أفكاره كلما وجد فرصة.. حاولوا اختصاره فى مسرحية «مدرسة المشاغبين» فظهر طغيان موهبته وإبداعه.. حاصروه بمحاكمات التفتيش حين حاول مناقشة جدلية العلاقة مع إسرائيل.. كنت دائما- ومازلت- رافضا للتطبيع مع الكيان الصهيونى، لكنه كان يملك القدرة على أن يجعلنى أسمعه وأستفيد من طرحه.. بل كان يحرضنى على البحث والدراسة لكى أتمكن من الصمود أمام آرائه، وكثيرا ما أبدى إعجابه باختلافى معه.
رحل «على سالم» بعد أن عاش حياة كانت أشبه بأغنية على الممر.. ترك لنا مئات المقالات وكتبا ستجد رواجا بعد رحيله، لأن المتآمرين عليه لا يملكون قتال فكره.. كما ترك رصيدا مسرحيا رائعا، وظنى أنه ما لم يتم تقديمه على المسرح أكبر مما استفدنا منه واستمتعنا به.. وكما كان مؤسفا أن الدولة المهتزة خضعت للذين حاربوه، فتجنبت الاستفادة منه.. ولو أنهم كرموه فهذا أفضل لهم، لعل ضمائرهم تستيقظ.. وأترك الأمر لوزير الثقافة- حلمى النمنم- لاعتقادى فى أنه أكثرنا تقديرا وفهما لقيمة «على سالم» حتى لو اختلف معه!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة