«الوجع عليك، والإجازة علينا، وفعلوها فى اليابان».. منتهى الإنسانية ولو لم أكن مصرية لوددت أن أكون يابانية، فكما تمتلك اليابان صناعة متطورة ومزدهرة تؤكد الجدية والإبداع والدقة، فقد أكدت عمليا أن هناك علاقة بين ازدهار الصناعة والاقتصاد، وذكاء، وتحضر المشاعر الإنسانية، فقد قامت بعض الشركات بترجمة هذه المشاعر الذكية بإنشاء مشروع «إجازة» تعاطفا مع أصحاب «القلوب المنكسرة» و«الموجوعة» و«المأسوف» على مشاعرها وأحلامها وسهرها الليالى والصدق السامى والفقد اللامتناهى، وذلك بعمل إجازة عاطفية مدفوعة الأجر لمن يعانى الفشل من قصة حب، حتى يتفرغ لمشاعره ويبكى ثم يبكى ويخبط رأسه فى جميع الحوائط، ويسمع جميع أغانى الفراق والخداع، ولكن بعيدا عن العمل، فإجازة معالجة انكسار القلب أهم من إجازة الأمومة والأبوة، لأنها أشد قسوة وأوجاعها مستمرة ودائمة ومتيقظة لا تغفو ولا تنام، ربما تهدأ أحيانا، ولكنها تسترد عافيتها لتبدأ دورة عذاب متجددة ومتوقدة وموجعة ومشتعلة ومستمرة، فماذا لو أخذنا هذه الطريقة الرائعة وتم تطبيقها فى مصر ويبقى كسبنا «النسب» مع اليابان ولو فى الإجازة العاطفية وطالما هى مدفوعة الأجر، فالمؤكد أن أغلب النساء لدينا سيحصلن على إجازة عاطفية مفتوحة، فقلوبهن عليلة ومكسورة وذليلة ومهزومة من «زيف» الحبيب والأكاذيب، أما إذا كانت متزوجة فسوف تعانى من الفتور والملل أن سيادة الزوج يتفضل ويعاملها باعتبارها قطعة «ديكور» بلا أى لزمة، وقد تكتمل قوة القتل الثلاثية الشاملة والكاسحة إذا توجت بالطلاق العاطفى، أما إذا كانت المرأة رومانسية المشاعر وذكية الإحساس ومتحققة وتمتلك عقلا ناضجا فسوف تبحث عن حب حقيقى ورجل حقيقى، وقد لا تجده مدى الحياة، وإذا وجدته فربما يكون فى الوقت الخطأ أو فى الوقت الضائع، وأحيانا تجده وتكتشف أنه الرجل الخطأ، فبعد أن تتوجه ملكا وتختاره رئيسا لمملكة العقل والقلب، يطعنها إما نتيجة الكذب أو لأنه يهوى سياسة الفريسة والصياد، وطالما أصبحت فريسة مستسلمة فقد انتهت ووجب البحث عن أخرى.
ومن المؤكد أيضا أن فصل الصيف بأجوائه الحالية وسخونته المتهورة سيكون موسما رائعا للإجازات العاطفية، فسوف تكون المعاناة مزدوجة من قسوة الأجواء الحارة خارجيا وافتراس «البرد» الداخلى ومعاناة الفقد وتجليات الوجود، وانتظار من لا يتذكر، أو من لا يعلم، أو ما لا يجىء، وعندما تعيش الحالتين معا فهذا دليل واضح وصريح على أنها تعيش حالة هزيمة عاطفية متعددة الأبعاد، والمؤكد أن الإجازة العاطفية فى اليابان قد تساعد المجروح والمنكسر فازدهار الحالة الاقتصادية والتحقق الإنسانى والتحضر الثقافى ربما يخفف من الدمار العاطفى الشامل، ولكن عندما تكون درجة حرارة الاقتصاد فى حالة وهن غامضة والتحقق الإنسانى على نفس الدرجة أو تحت الصفر، فهل سيكون هناك تعويض؟ وهل يوجد تعويض؟ أو بدل فاقد عن الهزيمة العاطفية وحالة «اليتم» المتعمد؟.. وما أصعب «اليتم» والحبيب لا يزال على قيد الحياة يعيش حالات حب مستمرة!! ففى الرياضة هناك فرصة لتعويض الخسارة وللفوز والحصول على البطولة، ولكن فى الحب والفقد لا يوجد تعويض. ويا فرحة الرجالة «بكسرة» قلوب الستات والبنات وخلو العمل منهن، حيث الأغلبية فى إجازة عاطفية مفتوحة.. «وزغروتة» لوجع القلوب يا رجالة.