لا يستعرض المناضل والنائب البرلمانى المحترم أبو العز الحريرى تجربته السياسية والإنسانية وكأنه صاحب بطولات خارقة أو رجل الفضيلة وحده بين قومه، وإنما يستعرضها بوصفه مواطنا امتلك الرغبة فى أن يعرف أصل مشاكله والطريق إلى حلها، فاكتشف أنها هى مشكلة ومعاناة وطن بالكامل، وأنه كلما ناضلت من أجل الحق والخير والجمال فى بلدك فستكون قطعت الطريق الصحيح من أجل نفسك.
أبو العز الحريرى الذى مر عام على رحيله، أمس، كان قد ذكر لى فى عام 2009 أنه لن يترشح للانتخابات البرلمانية فى عام 2010 وهى الانتخابات التى فضحت نظام مبارك بتزويره واستبداده، وقال إن لديه تجربة سياسية يريد أن يكتبها ليتركها لأبنائه وأحفاده ولمن يريد الاستفادة منها، غير أنه لم يذكر ذلك من باب التقاعد وأن ما لديه قد أعطاه- تلك مسألة تقترن دائما بمن قرروا كتابة مذكراتهم- وإنما ذكرها فى نفس الوقت الذى واصل فيه شعلة نضاله الوطنى المحترم والطرق على كل الأبواب التى تفضح نظام مبارك بفساده واستبداده ونيته توريث الحكم، وتميزت مواقفه بأنها ترد الأشياء إلى أصولها فنظام مبارك بكل سياساته هو استمرار لنفس النهج الذى بدأ فى حكم أنور السادات والخصخصة التى أقدم عليها مبارك بكل فسادها ستفهمها بفهمك للسياسات الاقتصادية التى اتبعها السادات وكانت تمهيدا لما فعله مبارك.
ظل أبو العز الحريرى على خطه ورؤيته لا يحيد، مؤمنا إيمانا لا يتزعزع بأن الثورة قادمة لا محالة، وليس شرطا أن يراها هو فى حياته وتشاء الأقدار أن يرى حلمه يتحقق فى ثورة 25 يناير وكان من صفوفها الأولى ولما اختطفها الإخوان بقى مقاوما شرسا لهم، فقاد المظاهرات وتعرض للأذى والاعتداء الجسدى حتى جاءت ثورة 30 يونيو.
فى تجربة أبو العز الحريرى، اعتقال، اضطهاد، انتخابات برلمانية، تنظيمات سرية، أحزاب علنية، مقاومة فساد تمثل فى سرقة المال العام دهس رفاق على ضميرهم السياسى وحلمهم الذى كان فى الأمس.
كل هذا فى مذكرات المحترم النظيف الشريف أبوالعز الحريرى التى قرأتها ولم تر النور بعد.