تكحلت العيون بمشاهدة الطفل السورى الغارق على شواطئ مدينة (بودروم) التركية، ونزفت القلوب ألما وحسرة لما آلت إليه الأوضاع فى سوريا وليبيا والعراق واليمن، وجاء الدور على لبنان، من خراب ودمار وقتل، وتشريد للشعوب، ونسأل: ما هى طهارة ونقاء الثورات فى الأوطان العربية التى تحولت من التماسك والوحدة إلى خراب ودمار وقتل وتشريد وتمزيق وتقسيم، وسيطرة الجماعات والتنظيمات التكفيرية؟ وهل تحيا الشعوب على الدعوة للثورات والمظاهرات وإثارة الفوضى، وانهيار الاقتصاد، واندثار الأمن والأمان، والقتل والدمار والخراب، وتقسيم البلاد، وتشريد العباد، والذل والمهانة فى الترحال من بلد إلى آخر؟
مشاهد الأشقاء السوريين واليمنيين والليبيين والعراقيين، ما بين التوسل والذل والمهانة على الحدود بحثا عن لقمة عيش، وخيمة إيواء، وبين جثث النساء والأطفال وكبار السن طافية على شواطئ البحار والمحيطات، يدفعنا إلى الوقوف احتراما وتقديرا للجيش المصرى العظيم، ومن خلفه الشرطة، ومن قبلهم المصريون الذين خرجوا فى ثورة 30 يونيو العظيمة، وأوقفوا مخططات الشر، والعبث بالأوطان، وزرع الإرهاب فى البلاد.
أيضا، مشاهد الفرار من وَيْل نيران الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التى ترتدى عباءة الإسلام، وتجاهد فى بلاد المسلمين، من عينة داعش وجبهة النصرة، والقاعدة، والحوثيين، إلى الدول الأوروبية (الكافرة والنصرانية) بحثا عن الأمن والأمان، سيناريو يعيد الأذهان، لأول هجرة للمسلمين الأوائل فى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، مع بداية ظهور الإسلام، من مكة، إلى بلاد الحبشة المسيحية.
ونسأل سؤالا بريئا يسيطر على الغالبية الكاسحة من المسلمين فى بلاد الأوطان المسلمة، ويحتاج إلى إجابة شافية: لماذا يهرب، اليوم، المسلمون من دمشق (عاصمة الدولة الأموية)، وبغداد (العاصمة المؤثرة فى عهد الخلفاء الراشدين والتابعين)، وليبيا (بلد عمر المختار)، واليمن (أصل وفصل العرب)، وفلسطين (بلد القدس الشريف)، من نار داعش وباقى سلسلة الجماعات المتطرفة المسلحة إلى بلاد الكفر والزندقة بحثا عن الأمن والأمان، ولا يفرون- على سبيل المثال- إلى بلاد الحرمين الشريفين، مكة والمدينة، أو شمال المغرب العربى التى خرجت منها جيوش السيطرة على الأندلس؟
الحقيقة الواضحة فقط فى مشهد فرار الأشقاء من أوطانهم التى دُمرت، أن عددا كبيرا منهم، لجأوا إلى مصر، بلد الأزهر، الذى يفتح ذراعيه لكل شقيق باحث عن مأوى، منذ لجوء السيد المسيح، ومرورا بآل بيت رسول الله (ص)، والفارين من ويلات التتار، ونهاية فى وقتنا الحالى، بالفارين من سوريا وليبيا واليمن ولبنان والعراق، مصر البلد الوحيد الذى يستقبل كل من يلجأ إليه، فى مساكن، والإقامة بين أحضان أبنائه، فى الأحياء بالمدن والقرى والنجوع فى المحافظات المختلفة، وليس كما تفعل الدول، باستقبال اللاجئين فى خيام بمعسكرات على الحدود.
المشاهد المؤلمة والمأساوية للأشقاء أثناء فرارهم من وَيْل نيران داعش والإخوان، تؤكد أن لمصر ربا يرعاها، وجيشا يحميها، وشعبا صامدا وقويًّا أمام الأزمات والأحداث الجليلة، وأنها حاضنة وملاذ لكل من يأوى إليها، وتؤكد أيضا أن خروجه فى 30 يونيو كان بمثابة ثورة الإنقاذ من الوقوع فى نفس المصير الذى وقع فيه الأشقاء فى الدول المذكورة سلفًا.a
دندراوى الهوارى
كارثة فرار المسلمين من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر بحثاً عن الأمان!
الجمعة، 04 سبتمبر 2015 12:02 م