من يتابع أوضاع اللاجئين المنتشرين فى كل دول العالم وتحديداً أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط سيتكشف أن مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى لا يوجد بها مخيمات للاجئين، أو بمعنى أدق وصف «لاجئ» إلا لمن يتعاملون مباشرة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ممن قاموا بتسجيل أسمائهم لدى المفوضية للحصول على منح مالية شهرية، أو انتظاراً لانتقالهم للعيش فى دولة أوروبية.
طيلة السنوات الماضية توافد على مصر آلاف، بل مئات الآلاف من اللاجئين الهاربين من نار الحروب الأهلية، سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا أو اليمن أو جنوب السودان، ومن قبلها فلسطين والسودان وإثيوبيا ودول عربية وأفريقية كثيرة، والغريب أن كل من وفد إلى مصر لم يتم التعامل معه باعتباره لاجئا، فمصر لا وجود فيها للمخيمات، مثل تلك الموجودة على سبيل المثال فى لبنان والأردن للاجئين السوريين والفلسطينيين، ولا وجود فى مصر لأماكن محددة مفروض على القادم إلى مصر البقاء أو العيش فيها، لأن مصر احتفظت بحالة خاصة فى التعامل مع القادمين إليها هرباً من جحيم ما تواجه بلدانهم من حروب أو اقتتال داخلى، فمن أتى إلى مصر استطاع الانصهار مع المصريين، وهناك من أقام مشروعات صغيرة تحولت بمرور الوقت إلى كيانات لها أسسها ووضعها، ويقبل عليها الكثيرون. بعد الدخول الأمريكى للعراق فى 2003 تحولت القاهرة إلى ملجأ كبير للعراقيين، واتخذوا طوعاً مدينة 6 أكتوبر مكانا للاستقرار فيه، ومن بعدهم أتى السوريون، وأقاموا مشروعاتهم الصغيرة، سواء فى الأكلات السريعة أو الحلويات، ولم يتم النظر إليهم مطلقاً باعتبارهم لاجئين، بل فى كثير من الأحيان يتم التعامل معهم باعتبارهم مصريين.
هذه هى الحالة المصرية الفريدة، فمن يأتى إليها يلقى كل ترحيب واحترام، فهو شقيق وأخ يشارك المصريون أحزانهم وأفراحهم.. ورغم الوضع الاقتصادى غير المستقر الذى شهدته البلاد بعد 25 يناير 2011، لكنها استطاعت استيعاب مئات الآلاف من أشقائها العرب والأفارقة ممن تعرضت بلدانهم لأوضاع سياسية صعبة، فكانت القاهرة ملاذهم، وكان المصريون عند حسن الظن، فأحسنوا استقبال من أتى وتعاملوا معهم بمنطق الشقيق وليس اللاجئ، هذا هو الفارق بين مصر وغيرها من الدول.
ورغم أن هناك البعض ممن اندسوا وسط القادمين إلى مصر بهدف القيام بأعمال إرهابية لدعم فصيل معين، إلا أن هؤلاء سيظلون قلة لا تعبر مطلقاً عن جموع المقيمين على الأراضى المصرية، وعاشوا مع أشقائهم.